يعني: حين جاءني الواضحات، وهو القرآن، وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ يعني: أستقيم على التوحيد، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وقد ذكرناه من قبل، ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً يعني: يعيش الإنسان إلى أن يصير شيخاً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى يعني: الشباب، والشيخ، يبلغ أَجَلًا مُسَمًّى وقتاً معلوماً. ويقال: في الآية تقديم، ومعناه: ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً أي: لتبلغوا أَجَلًا مُسَمًّى يعني: وقت انقضاء أجله وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ أي: من قبل أن يبلغ أشده. ويقال: من قبل أن يصير شيخاً، وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي: لكي تعقلوا أمر ربكم، ولتستدلوا به، وتتفكروا في خلقه.
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ أي: يحيي للبعث، ويميت في الدنيا، على معنى التقديم، ويقال: معناه هو الذي يحيي في الأرحام، ويميت عند انقضاء الآجال، فَإِذا قَضى أَمْراً يعني: أراد أن يخلق شيئاً، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أي: يجادلون في القرآن، أنه ليس منه، أَنَّى يُصْرَفُونَ يعني: من أين يصرفون عن القرآن، والإيمان من أين تعدلون عنه إلى غيره؟ ويقال:
عن الحق، والتوحيد.
ثم وصفهم فقال: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ أي: بالقرآن، وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا يعني: بالتوحيد. ويقال: بالأمر، والنهي، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ماذا ينزل بهم في الآخرة.
ثم وصف ما ينزل بهم، فقال عز وجل: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ يعني: ترد أيمانهم إلى أعناقهم وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ يعني: تجعل السلاسل في أعناقهم، يُسْحَبُونَ، ويجرون، فِي الْحَمِيمِ يعني: في ماء حار، قد انتهى حره. قال مقاتل يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ يعني: