في النار؟ كما يقال: فما أصبر فلاناً على الحبس: أي أبقاه؟ ذلِكَ، أي ذلك العذاب بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ، أي القرآن بِالْحَقِّ، أي بالعدل. وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ، أي في القرآن لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ، أي في ضلالة بيِّنة. ويقال: معناه أن الله تعالى أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بالعدل، فتركوا اتباعه وخالفوه فاستوجبوا بذلك العذاب. ويقال:
لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ، أي في خلاف بعيد من الحق. وذكر عن قتادة أنه قال: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، أي فما أجرأهم على العمل الذي يقرب إلى النار. وروي عن مجاهد أنه قال: ما أعلمهم بعمل أهل النار. ويريد ما أدومهم على عمل أهل النار. وقال أبو عبيدة: ما الذي صيرهم ودعاهم إلى النار؟
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ. قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص: لَيْسَ الْبِرَّ بنصب الراء على معنى خبر ليس. وقرأ الباقون: بالرفع على معنى اسم ليس. من قرأ بالرفع فهو الظاهر في العربية، لأن ليس يرفع الاسم الذي بعده بمنزلة كان وأما من قرأ بالنصب، فإنه يجعل الاسم ما بعده ويجعل (البر) خبره. وتفسير الآية قال مقاتل: في قوله: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ، أي ليس البر أن تحولوا وجوهكم في الصلاة قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا تعملوا غير ذلك، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، يعني صدق بالله بأنه واحد لا شريك له. قرأ نافع وابن عامر وَلكِنَّ الْبِرَّ بكسر النون وضم الراء ... وقرأ الباقون: وَلكِنَّ الْبِرَّ بنصب النون مشددة وبنصب الراء. ويقال: معناه ليس البر كله في الصلاة ولكن البر ما ذكر في هذه الآية من العبادات. ثم اختلفوا في معنى قوله: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ. قال بعضهم: معناه ولكن ذو البر من آمن بالله. وقال بعضهم: معناه ولكن البر بر من آمن بالله وكلا المعنيين ذكرها الزجاج في كتابه. وقال بعضهم ليس البار من يولي وجهه إلى المشرق والمغرب، ولكن البار من آمن بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ.