ثم قال: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ لما يرجون من إسلامهم، ويقال: يفرح أبو بكر رضي الله عنه خاصة، ويقال: يفرح المؤمنون بتصديق وعد الله تعالى. وروي عن الشعبي أنه قال: كان ذلك عام الحديبية، فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فبايعوه مبايعة الرضوان، ووعد لهم غنائم خيبر، وظهرت الروم على فارس، وكان تصديقاً لهذه الآية وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وإنَّما جازت مخاطرة أبي بكر- رضي الله عنه- لأن المخاطرة كانت مباحة في ذلك الوقت، ثم حرمت بقوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة: ٩٠] الآية، ثم قال بِنَصْرِ اللَّهِ يعني بفتح الله يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ يعني نصر الله محمداً صلّى الله عليه وسلم وأصحابه وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ بالمؤمنين حين نصرهم.
قوله عز وجل: وَعْدَ اللَّهِ نصب الوعد لأنه مصدر، ومعناه وعد الله وعداً يعني انتصروا وعد الله.
ثم قال: لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ حيث وعد لهم غلبة الروم وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يعني الكفار لا يعلمون أن الله عَزَّ وَجَلَّ لاَ يخلف وعده، ويقال: لا يعلمون الآخرة.
قوله عزَّ وجلَّ: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني يعلمون حرفتهم، وأمر معايشهم، ومتى يدرك زرعهم. ويقال في أمر التجارة كانوا أكيس الناس. وقال الحسن: كان الرجل منهم يأخذ درهماً ويقول وزنه كذا ولا يخطئ. وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ أي لا يؤمنون بها. ويقال: عن أمر الآخرة، وما وعدوا فيها من الهول والعذاب هم غافلون.
ثم وعظهم فقال عز وجل: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ فيعتبروا في خلق السموات والأرض. وروي عن أبي الدرداء- رضي الله عنه- أنه قال: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قيام ليلة.