للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمٍ عَظِيمٍ

، يعني: يوم القيامة. قال مقاتل والكلبي: نسختها لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ٢] ويقال: هذا على وجه المثل، ومعناه: إني أعلم أن من عصى الله وخالف أمره، له عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ يعني: يصيبه العذاب. وَلا أَدْراكُمْ بِهِ، ولا أعلمكم به، ومعناه:

أن الله تعالى لو لم يجعلني رسولاً إليكم ما تلوته عليكم كما لم أتل عليكم قبل الوحي. ويقال:

معناه لو رضي الله لكم مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ من الكفر والجهل، ما بعثني إليكم رسولاً. قرأ أبو عمرو وحمزة ونافع في رواية ورش والكسائي: ولا أدريكم بكسر الراء، وقرأ الباقون بالنصب، وهما لغتان ومعناهما واحد. وعن الحسن أنه قرأ: ولا أدرأتكم بالتاء. قال أبو عبيدة: ما أرى ذلك إلا غلطاً منه في الرواية، لأنه لا مخرج لها في العربية.

ثم قال: فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ، يعني: إلى أربعين سنة من قبل هذا القرآن فهل سمعتموني أقرأ شيئاً من هذا عليكم؟ أَفَلا تَعْقِلُونَ أَنِّي لم أتقوله من تلقاء نفسي، ولكنه هو القرآن الذي أوحى الله من عنده، لأنه لو كان من تلقاء نفسي لسمعتم مني قبل هذا شيئا منه.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٧ الى ١٨]

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لاَ يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)

قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً، يعني: من أشد في كفره ممن اختلق على الله كذبا إن معه شريكاً، أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن. إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ، يعني: المشركين، وقال الضحاك: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً يعني:

مسيلمة الكذاب إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ يعني: أتباعه وأشياعُه ونظراؤه.

قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، يعني: الأصنام، مَا لاَ يَضُرُّهُمْ إن لم يعبدوها وَلا يَنْفَعُهُمْ إن عبدوها ولا تضرّهم إن لم يعبدوها وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ يعني: الأصنام شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ يشفعون لنا في الآخرة. قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ يعني: أتخبرون الله بِما لاَ يَعْلَمُ من الآلهة. فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ، أنها تشفع لأحد يوم القيامة، ويقال: معناه أتخبرون الله بشفاعة آلهتكم، أما علموا أنها لا تكون أبداً؟ ويقال: معناه أتشركون مع الله بجاهل لا يعلم ما فى السموات ولا ما في الأرض.

ثم نزه نفسه عن الولد والشريك، فقال تعالى: سُبْحانَهُ، يعني: تنزيهاً له، وَتَعالى، يعني: ارتفع عَمَّا يُشْرِكُونَ من الآلهة. ويقال: معناه هو أعلى وأجلّ من أن يوصف له شريك. قرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر يُشْرِكُونَ بالياء على معنى المغايبة، وقرأ الباقون بالتاء على وجه المخاطبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>