للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مآ أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ نزلت في شأن رؤساء اليهود، منهم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وابن صوريا، يقول: يكتمون ما أنزلنا في التوراة من البينات:

الحلال والحرام وآية الرجم. وَالْهُدى، يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ، أي في التوراة. ويقال: في القرآن أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، أي يخذلهم الله ويلعنهم اللاعنون قال ابن عباس: وذلك أن الكافر إذا وضع في قبره، سئل من ربك وما دينك؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما دريت فهكذا كنت في الدنيا، ثم يضربه ضربة يصيح منها صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، فلا يسمع صوته شيء إلا يلعنه. فذلك قوله تعالى: وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ وروي عن ابن مسعود أنه قال: إذا تلاعن اثنان، فإن كان أحدهما مستحقاً للعنة رجعت اللعنة إليه، وإن لم يكن يستحق أحدهما اللعنة ارتفعت اللعنة إلى السماء، فلم تجد هناك موضعاً فتنحدر فترجع إلى الذي تكلم بها إن كان أهلاً لذلك وَإِنَّ لم يكن أهلاً لذلك رجعت إلى الكفار، وفي بعض الروايات إلى اليهود. فذلك قوله تعالى:

وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ.

ثم استثنى التائبين من اللعنة، فقال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِن الكفر واليهودية وَأَصْلَحُوا أعمالهم فيما بينهم وبين ربهم. ويقال: معناه وأصلحوا لمن أفسد من السفلة، وبينوا صفته في كتبهم. قوله: فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ، أي أتجاوز عنهم. وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ المتجاوز لمن تاب ورجع فتقبل توبته.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٦١ الى ١٦٢]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ، أي ثبتوا على كفرهم حتى ماتوا على ذلك.

أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قال الكلبي: يعني لعنة المؤمنين خاصة.

وقال بعضهم: يلعنهم لعنة جميع الناس، لأن من يخالف دينهم يلعنهم في الدنيا، وأهل دينهم يلعنونهم في الآخرة، كما قال في آية أخرى: ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [العنكبوت: ٢٥] ثم قال: خالِدِينَ فِيها، أي في اللعنة. ولعنته: عذاب النار أي ما توجبه اللعنة. لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ، يعني لا يهون عليهم طرفة عين. وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ، يعني لا يؤجلون.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٦٣]]

وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)

وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، قال مقاتل: يعني ربكم رب واحد. وقال الضحاك: كان لمشركي

<<  <  ج: ص:  >  >>