للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٩ الى ٧٠]

قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)

قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بأنَّ له ولداً لاَ يُفْلِحُونَ. يعني:

لا يأمنون من عذابه، ولا ينجون منه. مَتاعٌ قليل يعني: منفعتهم فِي الدُّنْيا قليل ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ، يعني: مصيرهم في الآخرة ثُمَّ نُذِيقُهُمُ يعني: نصيبهم العذاب الشديد بِما كانُوا يَكْفُرُونَ أي: بكفرهم.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧١ الى ٧٣]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣)

قوله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ فإن لم تعتبروا بذلك، فاتْلُ عليهم، يعني: اقرأ عليهم خبر نوح في القرآن، إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ يعني: عظم وثَقُلَ عليكم مَقامِي يعني: طول مقامي فيكم وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ يعني: وعظي لكم بالله تعالى، وهو ما قال الله تعالى في سورة نوح: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً [نوح: ١٠] إلى قوله: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً [الملك: ٣] الآية. فلمَّا وعظهم بذلك أرادوا قتله، حين قَالُواْ: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشعراء: ٢٦] يعني: من المقتولين بالحجارة. فقال لهم نوح: إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي فيكم وعظتي لكم فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ يقول: وثقت وفوَّضت أمري إلى الله تعالى، فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ يعني: كيدكم. ويقال: قولكم، وعملكم وَشُرَكاءَكُمْ يعني:

وادعوا شركاءكم ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً يقول: أظهروا أمركم فلا تكتموه، يعني:

القتل. وقال القتبِيُّ: الغمّ والغمّة واحد كما يقال: كُرْبَةٌ وكرب، يعني: لا يكون أمركم غمّاً عليكم ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ يعني: امضوا إليّ ويقال: اعملوا ما تريدون كقوله تعالى فَاقْضِ مَآ أَنْتَ قاضٍ

[طه: ٧٢] وَلا تُنْظِرُونِ يعني: ولا تمهلون. يعني: اقضوا إليّ ما أنتم قاضون، واستعينوا بآلهتكم. ويقال: اعملوا بما في أنفسكم من الشَّرِّ. وروي عن نافع أنه قرأ:

فَأَجْمِعُوا بالوصل وبالجزم، مِنْ جمعت. وقرأ الباقون: فَأَجْمِعُوا بالقطع من الإجماع.

وقرأ الحسن البصريُّ، ويعقوب الحضرميّ: شركاؤكم بالرفع يعني: أين شركاؤكم ليجمعوا أمرهم معكم، ويعينوكم؟ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ يعني: أعرضتم وأبيتم عن الإيمان، وأبيتم أن تقبلوا ما أتيتكم به، ونهيتكم عنه، فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ يعني: ما سألتكم بذلك أجراً في الدُّنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>