وقدر عليه ذلك. قال مقاتل: فَإِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ، يقول: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ [الأعراف: ١٨٦] قرأ أهل الكوفة: حمزة، وعاصم، والكسائي: لاَّ يَهْدِي بنصب الياء وكسر الدال، أي: لا يهدي من يضلله الله. وقرأ الباقون: لاَّ يَهِدِّى بضم الياء، ونصب الدال، على معنى فعل ما لم يسم فاعله. وقال إبراهيم بن الحكم: سألت أبي عن قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ فقال: قال عكرمة: قال ابن عباس: «من يضلله الله لا يهدى» وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ أي: من مانعين من نزول العذاب.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩)
قوله: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ وكل من حلف بالله فهو جهد اليمين، وكانوا ينكرون البعث فحلفوا بالله حين قالوا: لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ فكذبهم الله عَزَّ وَجَلَّ في مقالتهم، فقال: بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا أوجبه على نفسه ليبعثنّهم بعد الموت. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ أي: لا يصدقون بالبعث بعد الموت.
ثم قال: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ من الدين يوم القيامة، يعني: يبعثهم ليبين لهم أن ما وعدهم حقّ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: ليستبين لهم عند ما خرجوا من قبورهم أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ في الدنيا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٤٠ الى ٤٢]
إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)
قوله عز وجل: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ يعني: إن بعثهم على الله يسير إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة: فَيَكُونُ بضم النون، وقرأ الباقون: بالنصب.
قوله: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ أي: هاجروا من مكة إلى المدينة في طاعة الله مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا أي: عذبوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً أي: لننزلنهم بالمدينة ولنعطينهم الغنيمة، فهذا الثواب في الدنيا وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أي: الجنة أَكْبَرُ أي: أفضل لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أي: يصدقون بالثواب.
ثم نعتهم فقال: الَّذِينَ صَبَرُوا على العذاب وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أي: يثقون به ولا يثقون بغيره، منهم: بلال بن حمامة، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان، وخباب بن الأرت. قال مقاتل: نزلت الآية في هؤلاء الأربعة، عذبوا على الإيمان بمكة. وقال في رواية