ثم قال عز وجل: وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ يعني: لا يحثون أنفسهم، ولا غيرهم على طعام المسكين. ويقال: لا تحاضون على إطعام المسكين. ويقال: لا يحض بعضهم بعضاً. قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم وَلا تَحَاضُّونَ بالألف، يعني: لا يحث بعضهم بعضاً. وقرأ أبو عمرو، ولا يحضون بالياء يعني: لا يحثون، والباقون لا تحضون بالتاء على المخاطبة. ثم قال: وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ يعني: الميراث أَكْلًا لَمًّا يعني: شديداً.
وَتُحِبُّونَ الْمالَ يعني: كثرة المال وجمع المال حُبًّا جَمًّا يعني: شديداً. ويقال:
كثيراً. قرأ أبو عمرو ويكرمون، ويأكلون، ويحبون كلها بالياء على معنى الخبر عنهم. والباقون بالتاء، على معنى الخطاب لهم. ثم قال عز وجل: كَلَّا يعني: حقاً إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا يعني: زلزلت الأرض زلزالها، والتكرار للتأكيد. ثم قال: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ قال بعضهم: هذا من المكتوم الذي لا يفسر وقال أهل السنة وجاء ربك بلا كيف وقال بعضهم معناه وجاء أمر ربك بالحساب والملك صَفًّا صَفًّا يعني: صفوفاً، كصفوف الملائكة، وأهل الدنيا في الصلاة.
ثم قال عز وجل: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ تحضر وتدنو من الكفار، وروي عن عبد الرحمن بن حاطب قال: كنا جلوساً عند كعب يذكّرنا، فجاء عمر رضي الله عنه، فجلس ناحيته وقال: ويحك يا كعب خوّفنا، فقال كعب: إن جهنم لتقرب يوم القيامة، لها زفير وشهيق، حتى إذا قربت ودنت، زفرت زفرة، لا يبقى نبي ولا صديق، إلا وهو يخر ساقطاً على ركْبتيه. فيقول: اللهم لا أسألك اليوم إلا نفسي، ولو كان لك يا ابن الخطاب عمل سبعين نبياً، لظننت أن لا تنجو. فقال عمر رضي الله عنه: والله إن الأمر لشديد.
ثم قال: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ يعني: يتعظ الكافر وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى يعني: من تنفعه العظة، ويقال: يومئذ يتذكر الإنسان، يعني: يظهر الإنسان التوبة، يعني: أين له التوبة، يعني: كيف تنفعه التوبة يومئذ. يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي يعني: يا ليتني عملت في حياتي الفانية لحياتي الباقية. ثم قال عز وجل: فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ قرأ الكسائي لا يعذب، بنصب الذال، ولا يوثق بنصب التاء. والباقون كلاهما بالكسر