وغير ذلك وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ مَا تَرْكَبُونَ يعني: جعل لبني آدم من السفن، والإبل، والدواب، ما يركبون عليها ثم قال: لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ يعني: لتركبوا ظهور الأنعام، ولم يقل ظهورها؟ لأنه انصرف إلى المعنى، وهو جنس الأنعام ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ يعني: إذا ركبتم فتحمدوا الله تعالى وَتَقُولُوا عند ذلك سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا يعني: ذلل لنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ يعني: مطيعين. وقال أهل اللغة: أنا مقر لك أي: مطيق لك. ويقال: مقرنين أي: مالكين. ويقال: ضابطين.
ثم قال: وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ يعني: راجعين إليه، في الآخرة. وقد روى عثمان بن الأسود، عن مجاهد أنه قال: إذا ركب الرجل دابته، ولم يذكر اسم الله تعالى، ركب الشيطان من ورائه، ثم صك في قفاه، فإن كان يحسن الغناء، قال له: تغن، وإن كان لا يحسن الغناء، قال له تمن يعني: تكلم بالباطل.
وعن علي بن ربيعة أنه قال: كنت رديفاً لعلي بن أبي طالب-، رضي الله عنه-، فلما وضع رجله في الركاب، قال: بسم الله، فلمَّا استوى قال: الحمد لله، ثم قال: سُبْحَانَ الذى سخر لنا هذا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.