ثم بين أعمالهم التي استحقوا بها العقوبة بأعمالهم الباطلة فقال: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ يعني: كانوا في الدنيا متكبرين في ترك أمر الله تعالى. ويقال: كانوا مشركين وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ يعني: يثبتون على الذنب العظيم، وهو الشرك. وإنما سمِّي الشرك حنثاً، لأنهم كانوا يحلفون بالله، لاَ يَبْعَثُ الله مَن يموت، وكانوا يصرون على ذلك.
وقال القتبي: الْحِنْثِ الْعَظِيمِ اليمين الغموس. وقال مجاهد: الذنب العظيم. وقال ابن عباس: الْحِنْثِ الْعَظِيمِ هو الشرك وَكانُوا يَقُولُونَ مع شركهم أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ يعني: بعد ما صرنا تراباً، وعظاماً باليةً، صرنا أحياء بعد الموت وَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ الذين: مضوا قبلنا، وصاروا تراباً.
قال الله تعالى: قل يا محمد قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يعني: الأمم الخالية لَمَجْمُوعُونَ وهذه الأمة لمجموعة إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ في يوم القيامة يجتمعون فيه ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ بالبعث لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ يعني: يملؤون من طلعها البطون، فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ يعني: على إثره يشربون من الحميم فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ يعني: كشرب الهيم، وهي الإبل التي يصيبها داء، فلا تروى من الشراب. ويقال: الأرض التي أصابتها الشمس وهي أرض سهلة من الرملة. قرأ نافع، وعاصم، وحمزة شُرْبَ الْهِيمِ بضم الشين. والباقون: بالنصب. فمن قرأ بالضم، فهو اسم. ومن قرأ: بالنصب، فهو المصدر. ويقال: كلاهما مصدر شربت.
ثم قال: هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ يعني: جزاءهم يوم الجزاء. ويقال: معناه هو الذي ذكرناه من الزقوم والشراب طعامهم وشربهم يوم الحساب.