للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: عن الإيمان. قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ بقتل نبينا عليه السلام ويقال: بالشرك بالله عز وجل.

قوله عز وجل: فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ، يعني: كلمة الويل قولهم. حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ، يعني: محصوداً. وقال أهل اللغة: فعيل بمعنى مفعول، والحصيد بمعنى محصود، ويقع على الواحد والاثنين والجماعة. وقال السدي: الحصيد الذي قد حصد، ويقال:

كداسة الغنم بأظلافها خامدين ميتين لا يتحركون. وقال مجاهد رحمه الله: خامِدِينَ بالسيف.

قوله عز وجل: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الخلق والعجائب لاعِبِينَ، يعني: لغير شيء، ولكن خلقناهم لأمر كائن، ويقال: وما خلقت هذه الأشياء إلا ليعتبروا ويتفكروا فيها، ويعلموا أن خالق هذه الأشياء أحق بالعبادة من غيره، ويكون لِيَ عليهم الحجة يوم القيامة.

قوله عز وجل: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً يعني: زوجةً بلغة حضر موت، لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا يعني: من عندنا. قال ابن عباس: «اللهو الولد» ، وقال الحسن وقتادة: اللهو المرأة، وقال القتبي: التفسيران متقاربان، لأن المرأة للرجل لهو وولده لهو، كما يقال: هما ريحانتاه، وأصل اللهو: الجماع، فكني به بالمرأة والولد، كما كني عنه باللمس. وتأويل الآية: أن النصارى لما قالت، في المسيح ما قالت، قَالَ الله تَعَالى: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً أي: صاحبة لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا أي: من عندنا لا من عندكم، لأن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره. ثم قال: إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ يعني: ما كنا فاعلين. ويجوز أن يكون إِنْ كُنَّا ممن يفعل ذلك، ولسنا ممن يفعله.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٨ الى ٢٣]

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لاَ يَفْتُرُونَ (٢٠) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)

لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)

ثم قال عز وجل: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ، يعني: نرمي بالحق عَلَى الْباطِلِ، ومعناه:

نبيِّن الحق من الباطل. فَيَدْمَغُهُ، أي: يبطله ويضمحل به. ويقال: يكسره. وقال أهل الله:

أصل هذا إصابة الرأس والدماغ بالضرب وهو مقتل. فَإِذا هُوَ زاهِقٌ، يعني: هالكا، ويقال:

زاهق، أي: زائل ذاهب. قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: في الآية دليل أن النكتة إذا قابلتها نكتة أخرى على ضدها، سقط الاحتجاج بها، لأنها لو كانت صحيحة ما عارضها غيرها، لأن الحق لا يعارضه الباطل، ولكن يغلب عليه فيدمغه.

<<  <  ج: ص:  >  >>