قتادة: النجوم. وروى سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال: منها ما يكون علامة، ومنها ما يهتدى به. وقال عمر بن الخطاب:«تعلموا من النجوم ما تهتدون به في طرقكم وقبلتكم، ثم كفوا، وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم» . وقال السدي: وَعَلاماتٍ أي: الجبال بالنهار يهتدون بها الطرق، والنجوم بالليل.
ثم قال: أَفَمَنْ يَخْلُقُ يعني: أَفَمَنْ يَخْلُقُ هذه الأشياء التي وصفت لكم كَمَنْ لاَّ يَخْلُقُ أي: لا يقدر أن يخلق شيئاً وهم الأصنام. أَفَلا تَذَكَّرُونَ أي: أفلا تتعظون في صنعه، وتوحّدوه وتعبدوه، ولا تعبدوا غيره.
لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣)
ثم قال عز وجل: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوها أي: لا تطيقوا إحصاءها، فكيف تقدرون على أداء شكرها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن تاب ورجع. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ في قلوبكم وَما تُعْلِنُونَ بالقول. ويقال: ما تخفون من أعمالكم وَما تُعْلِنُونَ أي: تظهرون منها، فالسر والعلانية عنده سواء.
ثم قال تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: يعبدون من دون الله من الأوثان لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً أي: لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أي: ينحتون من الأحجار والخشب وغيره. أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ قال الكلبي: يعني: أن الأصنام أموات ليس فيها روح وَما يَشْعُرُونَ يعني: الأصنام أَيَّانَ يُبْعَثُونَ أي: متى يحيون فيحاسبون. ويقال أَمْواتٌ يعني: أن الكفار غير أحياء. يعني: كأنهم أموات لا يعقلون شيئاً وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ يعني: أن الكفار لا يعلمون متى يبعثون. وأَيَّانَ كلمة اختصار أصله: أي أوان فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يعني: الذين لا يصدقون بالبعث قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ للتوحيد، ويقال: قلوبهم خبيثة لا تدخل المعرفة فيها وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ أي متعظمون عن الإيمان.
ثم قال تعالى لاَ جَرَمَ أي: حقاً وذكر عن الفراء أنه قال لاَ جَرَمَ بمنزلة لا بد ولا محالة، ثم كثرت في الكلام، حتى صارت بمنزلة حقاً أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ أي:
ما يكتمون وما يظهرون من الكفر والمكر في أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ أي:
المتعظمين عن الإيمان. ويقال: لا يحب المتكبرين الذين يتكبرون على الناس.