ومعناه: نجا من نجا وهلك من هلك وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ يعني: استقرت السفينة على الجودي.
وروي في الخبر:«أن الله تعالى أوحى إلى الجبال: أني أنزل السفينة على جبل، فتشامخت الجبال، وتواضع الجودي لله تعالى، فأرسيت عليه السفينة» . وقال الحكيم: خرج قوس قزح بعد الطوفان أماناً لأهل الأرض من الغرق أن يغرقوا جميعاً وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يعني: سحقاً ونكساً لّلْقَوْمِ الكافرين، وهو البعد من رحمة الله.
قوله تعالى: وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فإنك قد وعدتني أن تنجيهم من العذاب، وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ يعني: أنت الصَّادق في وعدك، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ يعني: أعدل العادلين قالَ الله تعالى: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذي وعدتك أن أنجيهم. وروي عن الحسن أنه قال:«إنه تخلف، لأنه لم يكن ابن نوح» .
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: كنت عند الحسن قال: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ فقال: لعمر الله ما هو ابنه، قلت: يا أبا سعيد، يقول الله تعالى: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وأنت تقول: هو ليس بابنه؟ قال: أفرأيت قوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذي وعدتك أن أنجيهم، ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه. قال: إنَّ أهل الكتاب يكذبون.
وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة:«أنه ابنه» ، غير أنه خالفه في العمل. وقال بعض الحكماء: إن الابن إذا لم يفعل ما يفعل الأب انقطع عنه، والأمة إذا لم يفعلوا ما فعل نبيُّهم، أخاف أن ينقطعوا عنه.
ثمَّ قال: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ قرأ الكسائي: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح، بكسر الميم ونصب الراء وغير صالح بنصب الراء. وروت أُمُّ سَلَمَةَ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقرأ هكذا، ومعناه: إن ابنك عمِلَ عَمَلَ المشركين، ولم يعمل عمل المؤمنين. وقرأ الباقون: عَمَلٌ غَيْرُ، بالتنوين والضم غَيْرُ صالِحٍ، بضمّ الراء، ومعناه: إنَّ سؤالك ودعاءك لابنك الكافر عَمَلٌ غير صالح، فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ يعني: بياناً. وقرأ أهل الكوفة: فَلا تَسْئَلْنِ بتخفيف النون بغير ياء، لأن الكسر يقوم مقام الياء. وروي عن أبي عبيدة أنه قال: