للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: وَكَذَّبُوا يعني: كذبوا بالآية، وبقيام الساعة. وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ في عبادة الأصنام وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ يعني: كل قول من الله له حقيقة منه في الدنيا سيظهر، وما كان منه في الآخرة سيعرف. يعني: ما وعد لهم من العقوبة. ويقال: معناه مستقر لأهل النار عملهم، ولأهل الجنة عملهم. يعني: يعطي لكل فريق جزاء أعمالهم.

ثم قال: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ يعني: جَاء لأهل مكة من الأخبار عن الأمم الخالية مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ يعني: ما فيه موعظة لهم، وزجر عن الشرك، والمعاصي.

[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٥ الى ١٤]

حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩)

فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤)

قوله تعالى: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ يعني: جاءهم كلمة بالغة، وهو القرآن يعني: حكمة وثيقة فَما تُغْنِ النُّذُرُ يعني: لا تنفعهم النذر إن لم يؤمنوا، كقوله: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [يونس: ١٠١] ويقال: فَما تُغْنِ النُّذُرُ لم تنفعهم الرسل إذا نزل بهم العذاب إن لم يؤمنوا.

قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يعني: اتركهم، وأعرض عنهم، بعد ما أقمت عليهم الحجة.

يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ يعني: يدعو إسرافيل على صخرة بيت المقدس إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ يعني: إلى أمر فظيع، شديد، منكر خُشَّعاً يعني: ذليلة أَبْصارُهُمْ خاشعاً، نصب على الحال يعني:

يخرجون، خاشعاً. قرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو خاشِعاً بالألف مع النصب.

والباقون: خاشعا بضم الخاء، بغير ألف، وتشديد الشين بلفظ الجمع، لأنه نعت للجماعة.

ومن قرأ: بلفظ الواحد، فلأجل تقديم النعت. وقرأ ابن مسعود: خاشعة بلفظ التأنيث.

وقرأ ابن كثير: إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ بجزم الكاف. والباقون: بالضم، وهما لغتان.

ثم قال عز وجل: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ يعني: من القبور، كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ يعني: انتشروا عن معدنهم، ويجول بعضهم في بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>