للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقادتهم؟ فتجيئون فيطرحونكم في نحور العدو. فتقتلوا أو تفروا. فما زال ذلك الحديث يفشو في العسكر.

ثم دخل عسكر بني كنانة. فقال: أتدرون ماذا يريد الناس غداً؟ قولوا: ماذا يريدون؟

قالوا: يقولون أين بنو كنانة؟ أين ذروة العرب؟ أين رماة الخندق؟ فتجيبون. فيطرحونكم في نحور العدو؟ فتقتلوا أو تفروا.

ثم دخل عسكر غطفان، فقال: أتدرون ماذا يريد الناس غداً؟ قولوا ماذا يريدون؟ قال:

يقولون أين غطفان؟ أين بنو فزارة بن حلاس الخيول؟ فتجيبون. فيطرحونكم في نحور العدو.

فتقتلوا أو تفروا.

قال: فبعث الله تعالى عليهم ريحاً شديدة، فلم تترك لهم خباء إلا قلعته، ولا إناء إلا أكفأته. وقلعت أوتاد خيولهم، وجالت الخيول بعضها في بعض. فقالوا فيما بينهم: لقد بدا محمد بالسر. فالنجاة النجاة. فركب أبو سفيان جمله معقولاً، فما حلّ عقاله إلا بعد أن انبعث. قال حذيفة: ولو شئت أن أضربه بسيفي أو أطعنه برمحي لفعلت. ولكن نهاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فترحلوا كلهم وذهبوا.

فرجع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فحدثه عن العساكر وما فعل الله عز وجل بها. فنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ في الدفع عنكم إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ من المشركين فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً شديدة وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها من الملائكة. وذلك كبرت حوالي العسكر حتى انهزموا حين هبت بهم الريح، وهي ريح الصبا. وروي عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال:

«نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» ثم قال تعالى: وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً في أمر الخندق.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٠ الى ١٧]

إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤)

وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>