وقال ابن عباس: «نزلت الآية في يهود المدينة، حين قالوا: خَلَقَ السموات والأرض فِي ستة أيام، ثم استلقى فاستراح ووضع إحدى رجليه على الأخرى» ، وكذب أعداء الله، فنزل مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ في أمره، عَزِيزٌ يعني: منيع في ملكه، ومعبودهم لا قوة له ولا منفعة. ويقال: إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على عقوبة من جعل له شريكاً، عَزِيزٌ للانتقام منهم.
قوله عز وجل: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا قيل: جبريل، وإسرافيل، وميكائيل، وملك الموت، والحفظة الذين يكتبون أعمال بني آدم عليهم السلام. وَمِنَ النَّاسِ، يعني:
ويختار من الناس رسلا، منهم: محمد، وعيسى، ونوح وموسى عليهم السلام فجعلهم أنبياء ورسلاً إلى خلقه. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ، أي سميع لمقالتهم، بَصِيرٌ بمن يتخذه رسولاً. وذلك أن الوليد بن المغيرة قال: أأنزل عليه الذكر من بيننا؟ فأخبر الله تعالى أنه سَمِيعٌ مقالة من يكفر، بَصِيرٌ بمن يصلح للرسالة فيختاره ويجعله رسولاً.
ثم قال عز وجل: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ، يعني: من أمر الآخرة وأمر الدنيا.
وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ، يعني: عواقب الأمور في الآخرة ويقال: معناه منه بدأ وإليه يرجع.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٧ الى ٧٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا، يعني: صلوا لله تعالى، وقال:
بعض الناس يسجد في هذا الموضع، يذكر ذلك عن عمر وابن عمر، وروي عن ابن عباس أنه قال: «السجدة في الحج في الأولى منهما» ، وهذا قول أهل العراق، لأن السجدة سجدة الصلاة، بدليل أنها مقرونة بالركوع. معناه: اركعوا واسجدوا في الصلوات المفروضات التطوع.
وروي عن ابن عباس أنه قال: «أول ما أسلموا، كانوا يسجدون بغير ركوع فأمرهم الله تعالى بأن يركعوا ويسجدوا» .
ثم قال: وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ، أي وحدوه وأطيعوه، وَافْعَلُوا الْخَيْرَ أي: أكثروا من الطاعات والخيرات ما استطعتم، وبادروا إليها. ويقال: التسبيحات. لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، يعني:
تنجون من عذاب الله تعالى.