للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قوله عز وجل: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ يعني: أكرمناك بالنبوة، وجعلناك خليفة، والخليفة الذي يقوم مقام الذي قبله، فقام مقام الخلفاء الذين قبله، وكان قبله النبوة في سبط، والملك في سبط آخر، فأعطاهما الله تعالى لداود.

ثم قال: فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ يعني: بالعدل وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي: لا تمل إلى هوى نفسك، فتقضي بغير عدل. ويقال: لا تعمل بالجور في القضاء، وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى كما اتبعت في بتشايع، وهي امرأة أوريا، فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني: عن طاعة الله تعالى.

ويقال: يعني: الهوى يستزلك عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني: عن دين الله الإسلام لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ يعني: بما تركوا من العمل ليوم القيامة، فلم يخافوه. ويقال: بما تركوا الإيمان بيوم القيامة.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]

وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩)

قوله عز وجل: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الخلق باطِلًا يعني: عبثاً لغير شيء، بل خلقناهما لأمر هو كائن ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: يظنون أنهما خلقتا لغير شيء، وأنكروا البعث فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ يعني: جحدوا من النار يعني: من عذاب النار أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وذلك أن كفار مكة قالوا: إنا نعطى في الآخرة، من الخير أكثر مما تعطون فنزل: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ في الثواب كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ يعني: كالمشركين. وقال في رواية الكلبي: نزلت في مبارزي يوم بدر أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: علياً، وحمزة، وعبيدة رضي الله عنهم كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ يعني: عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد. ويقال: نزلت في جميع المسلمين، وجميع الكافرين. يعني: لا نجعل جزاء المؤمنين كجزاء الكافرين في الدنيا والآخرة، كما قال في آية أُخرى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً

[الجاثية: ٢١] .

ثم قال عز وجل: أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ يعني: كالفجار في الثواب. اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الوعيد.

ثم قال عز وجل: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ يعني: أنزلنا جبريل- عليه السلام- به إليك مُبارَكٌ يعني: كتاب مبارك فيه مغفرة للذنوب لمن آمن به، وصدقه، وعمل بما فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>