القتبي الزكية المطهرة التي لم تذنب قط. لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً، أي منكراً، أي أَمراً فظيعاً.
قال القتبي: إنما قال هاهنا نُكْراً، لأن قتل النفس أشد استعظاماً من خرق السفينة. وقال الزجاج: نُكْراً أقل من إمراً، لأن إغراقه من في السفينة كان أعظم عنده من قتل النفس الواحدة.
قالَ الخضر: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وقد زاد هنا لَكَ للتأكيد، قيل: لأنه قد سبق منه الزجر مرة. قالَ موسى: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي، يعني: إن طلبت صحبتك فلا تتابعني وقد قرئ فلا تصحبني أبدا. قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً يقول: قد أعذرت فيما بيني وبينك في الصحبة.
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ قال ابن عباس: وهي أنطاكية، اسْتَطْعَما أَهْلَها، أي: استضافاً، قال بعضهم: سألاهم، وقال بعضهم: لم يسألاهم، ولكن كان نزولهما بين ظهرانيهم بمنزلة السؤال منهما. فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما، يعني: لم يطعموهما. فَوَجَدا فِيها جِداراً يعني: في تلك القرية. يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ وهذا كلام مجاز، لأن الجدار لا يكون له إرادة، ومعناه: كاد أن يسقط، فَأَقامَهُ يعني: سواه الخضر. قالَ موسى: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً، أي جعلاً خبزاً تأكله. قرأ ابن كثير وأبو عمرو لَتَخِذْتُ بغير ألف وكسر الخاء، والباقون لَاتَّخَذْتَ ومعناهما واحد. وقرأ نافع مِن لَّدُنّى بنصب اللام وضم الدال وتخفيف النون، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو مِنْ لَدُنِّي بتشديد النون وهي اللغة المعروفة، والأول لغة لبعض العرب. واختلف الروايات عن عاصم. قالَ الخضر: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، أي هذا شرط الفراق بيني وبينك، وأنت حكمت على نفسك. سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ، أي بتفسير مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً، أي تعلم ما رأيتني أصنع فأنكرت لتعرف أهلها وتأويله: