قبل أن نخلق تلك النسمة. وذكر الربيع بن أبي صالح الأسلمي قال: دخلت على سعيد بن جبير حين جيء به إلى الحَجَّاج أراد قتله، فبكى رجل من قومه فقال سعيد: ما يبكيك؟ قال:
لما أصابك من مصيبة. قال: فلا تبك، قد كان في علم الله تعالى أن يكون هذا. ألم تسمع قول الله تعالى: مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها يعني: من قبل أن نخلقها. ويقال: قبل أن نخلق تلك النفس إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يعني: هيناً، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فاتَكُمْ يعني: لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلى مَا فاتَكُمْ من الرزق والعافية، إذا علمتم أنها مكتوبة عليكم قبل خلقكم، وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ يعني: بما أعطاكم في الدنيا، ولا تفتخروا بذلك وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ يعني: متكبراً، فخوراً، بنعم الله تعالى، ولا يشكروه. قرأ أبو عمرو بما أتاكم بغير مد. والباقون: بالمد.
فمن قرأ: بغير مد، فمعناه: لكيلا تفرحوا بما جاءكم من حطام الدنيا، فإنه إلى نفاد. ومن قرأ: بالمد بما أعطاكم. وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ليس أحد إلا وهو يحزن، ويفرح. ولكن المؤمن من جعل الفرح والمصيبة صبرا.
ثم قال عز وجل: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ يعني: لا يحب الذين يبخلون. يعني: يمسكون أموالهم، ولا يخرجون منها حق الله تعالى وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ويقال: الذين يَبْخَلُونَ.
يعني: يكتمون صفة محمد صلّى الله عليه وسلم، وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل. يعني: يكتمون صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلم ونعته. وَمَنْ يَتَوَلَّ يعني: يعرض عن النفقة. ويقال: يعرض عن الإيمان فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ