وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ في الدنيا، وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم.
ثم قال: قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ أي: قالت لهم خزنة النار: ادخلوا النار مع أمم قد مضت على مذهبكم مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ يعني: النار أُمَّةٌ جماعة لَعَنَتْ أُخْتَها أي: على الأمة التي دخلت قبلها في النار. قال مقاتل: يعني لعنوا أهل ملتهم يلعن المشركون المشركين والنصارى النصارى. وقال الكلبي: تدعو على الأمم التي قبلهم في النار يبدأ بالأمم الأولى فالأولى، ويبدأ أولاً بقابيل وولده. ويقال: يبدأ بالأكابر فالأكابر مثل فرعون كما قال في آية أخرى ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا [مريم: ٦٩] .
حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً يعني: اجتمعوا في النار وأصله تداركوا فيها يعني:
اجتمع القادة والأتباع في النار وقرأ بعضهم حَتَّى إذَا أَدْرَكُوا فيه أي دخلوا في إدراكها، كما يقال أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء وهي قراءة شاذة قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ أي: قال أواخر الأمم لأولّهم. ويقال: قالت الأتباع للقادة والرؤساء رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا عن الهدى فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ أي: أعظم زيادة من العذاب قالَ الله تعالى: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لاَّ تَعْلَمُونَ أي: على القادة زيادة من العذاب ولكن لا تعلمون ما عليهم. قرأ عاصم في رواية أبي بكر وَلكِنْ لاَّ يَعْلَمُونَ بالياء أي: لا يعلم فريق منهم عذاب فريق آخر وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ أي: أولهم دخولاً لآخرهم دخولاً. ويقال: القادة للأتباع فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ في شيء كفرتم كما كفرنا، فنحن وأنتم سواء في الكفر ضللتم كما ضللنا.
قال الله تعالى: فَذُوقُوا الْعَذابَ ويقال: يقول الخزنة فذوقوا العذاب. ويقال: هذا قول بعضهم لبعض فَذُوقُواْ العذاب بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ أي: تكفرون في الدنيا بترككم الإيمان.