للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ يعني: أفلا تتعظون فتؤمنون به؟ قوله تعالى: وَكَيْفَ أَخافُ مَا أَشْرَكْتُمْ يعني: من الأصنام وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً يقول: كتاباً وعذراً وحجة لكم فيه فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ من العذاب؟ الموحّد أم المشرك إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ذلك. ثم قال: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قال بعضهم: هذا قول الله تعالى لما حكى قول إبراهيم للنبي صلى الله عليه وسلم قال: على أثر ذلك الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ يعني: لم يخالطوا تصديقهم بالشرك ولم يعبدوا غيره. أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ من الضلالة. وقال بعضهم: هذا كله قول إبراهيم لقومه. وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ وَأُعْطِيَ فَشَكَرَ وَظَلَمَ فَاسْتَغْفَرَ وَظُلِمَ فَغَفَرَ» . قيل له: ما لهم يا رسول الله؟ قال: أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ.

قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد. قال: حدثنا الماسرجي. قال: حدّثنا أبو كريب.

قال: حدّثنا ابن إدريس عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود. قال: لما نزلت هذه الآية الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا ترون إلى قول لقمان لابنه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: ١٣] » يعني: إن الظلم أراد به الشرك.

ثم قال وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ يعني: أعطيناها إبراهيم على قومه.

يعني: وفقناه للحجة يخاصم بها قومه نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ يعني: فضائل من نشاء في الدنيا بالحجة، وفي الآخرة بالدرجات إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ في أمره عَلِيمٌ بخلقه من يصلح للنبوة. قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي دَرَجاتٍ بالتنوين وقرأ الباقون دَرَجاتٍ على معنى الإضافة.

ثم قال:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٨٤ الى ٩٠]

وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ (٨٦) وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧) ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨)

أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (٨٩) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>