على الأرض من آية من القرآن، وينزع من قلوب الرجال فيصبحون ولا يدرون ما هو» ، وروي عن ابن مسعود أنه قال:«يصبح الناس كالبهائم» . ثم قرأ: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ الآية.
ثم قال: إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً، أي بالنبوة والإسلام.
قوله عز وجل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ، أي بمثل هذا القرآن على نظمه وإيجازه ونسقه مع كثير مما ضمن فيه من الأحكام والحدود وفنونها. ويقال: مثل هذا القرآن من تعريه عن التناقض مع كثرة الأقاصيص والأخبار.
ويقال: عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ، لأن فيه علم ما كان وعلم ما يكون، ولا يعرف ذلك إلاَّ بالوحي. ويقال: بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ، لأنه كلام منثور لا على وجه الشعر، لأن تحت كل كلمة معاني كثيرة. وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً، أي معيناً.
قال تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ، أي بيّنا للناس منه من كل لون: من الحلال والحرام، والأحكام والحدود، والوعد والوعيد. فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً، أي ثباتاً على الكفر، ويقال: أبوا عن الشكر إِلَّا كُفُوراً، أي كفرانا مكان الشكر، ويقال: لم يقبلوه.
قوله عز وجل: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أي لن نصدقك، وهو عبد الله بن أمية المخزومي وأصحابه، قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ. حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أي عيوناً. قرأ أهل الكوفة، عاصم وحمزة والكسائي تَفْجُرَ بنصب التاء وجزم الفاء وضم الجيم مع التخفيف، وقرأ الباقون: تَفْجُرَ بضم التاء، ونصب الفاء مع التشديد. وقال أبو عبيدة: هذا أحب إليّ، لأنهم اتفقوا في الذي بعده، ولا فرق بينهما في اللغة. فمن قرأ بالتشديد فللتكثير والمبالغة، كما يقال: قتلوا تقتيلا للمبالغة.
ثم قال: أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ، أي بستان مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ، أي الكروم. فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ، أي تشقق الأنهار خِلالَها، وسطها. تَفْجِيراً، أي تشقيقاً. أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً، أي قطعاً. قرأ ابن عامر وعاصم ونافع كِسَفاً بنصب السين، وقرأ