تتجاحدان؟ ومعناه: أنتم حيث ما كنتم من مشارق الأرض ومغاربها في ملك الله تعالى، وتأكلون رزقه، وهو عالم حيث ما كنتم، وهو حافظكم، وناصركم، فكيف تنكرون هذه النعم.
قوله عز وجل: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ يعني: أرسل البحرين. ويقال: خلَّى البحرين.
ويقال: خلق البحرين يَلْتَقِيانِ يعني: مالح، وعذب، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ يعني: حاجز لاَّ يَبْغِيانِ يعني: لا يختلطان فيغير طعمه. وأصل البغي: التطاول، والجَوْرُ، والظلم. وقال بعضهم: بينهما حاجز لطيف لا يراه الخلق، وإنما العبرة في ذلك أنه لا يرى. ويقال: بعضهم ليس هناك شيء، وإنما تمنعهما من الاختلاط قدرة الله تعالى. ويقال: يَلْتَقِيانِ أي: يتقابلان أحدهما بحر الروم، والآخر بحر فارس. وقيل: بحر الهند بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيانِ أي: لا يختلطان بَيْنَهُما بَرْزَخٌ. بلطف الله تعالى أي: باللطف تمنع عن الامتزاج، وهما بحر واحد، لن يمس أحدهما بالآخر. وقال الزجاج: البرزخ الحاجز، فهما من دموع العين مختلطان، وفي قدرة الله منفصلان. وقيل: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ أي: جزيرة العرب. وقيل: بحر السماء، والأرض، كقوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢)[القمر: ١١- ١٢] وبينهما برزخ الهواء، والأرض، وسكان الأرض.
ثم قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يعني: خلق البحرين لمنفعة الخلق، وبين لكم العبرة، وقدرته، ولطفه، لتعتبروا به، وتوحدوه، فكيف تنكرون هذه النعمة بأنها ليست من الله تعالى؟.
ثم قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ يعني: من بحر مالح اللؤلؤ وَالْمَرْجانُ ما صغر منه.