أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ يعني: أتجامعون الرجال من بين العالمين وَتَذَرُونَ يعني: وتتركون مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ يعني: من نسائكم بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ يعني: معتدين من الحلال إلى الحرام قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ من مقالتك لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ من قريتنا قالَ لوط إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ يعني: من المبغضين ويقال:
قليت الرجل إذا بغضته، ومنه قوله: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى [الضحى: ٣] .
قوله عز وجل: رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ من الفواحش فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ يعني: الباقين في العذاب. يعني: وامرأته. ويقال: إن هذا من أسماء الأضداد. يقال: غبر الشيء إذا مضى، وغبر الشيء إذا بقي: وقال بعض أهل اللغة: القالي التارك للشيء الكاره له غاية الكراهة ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ يعني: أهلكنا الباقين وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً يعني: الحجارة فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ يعني: بئس مطر من أنذر، فلم يؤمن إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني: لعبرة لمن عمل الفواحش، أي وارتكب الحرام وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ بالنعمة لمن ارتكب الفواحش، وعمل الحرام الرَّحِيمُ لمن تاب.
قوله عز وجل: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي الْأَيْكَةِ بكسر الهاء وبالألف، وقرأ الباقون ليكة بغير ألف ونصب الهاء، لأن ليكة اسم بلد ولا تنصرف.
من قرأ الأيكة فلأنها عرفت بالألف واللام، فيصير خفضا بالإضافة وقرئ في الشاذ: ليكة بكسر الهاء بغير ألف، لأن الأصحاب مضاف إلى ليكة، فصار اسماً واحداً. ويقال: الْأَيْكَةِ هي الشجرة الملتفة يقال: أيك وأيكة، مثل أجم وأجمة، ويقال: شجرة الدوم، وهو شجر المقل كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ.
ثم قال عز وجل: إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ولم يقل أخوهم، قال بعضهم: كان شعيب بعث إلى قومين أحدهما: مدين، وكان شعيب منهم، فسماه أخاهم حيث قال: وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً [هود: ٨٤] ، والآخر: أصحاب الأيكة، ولم يكن شعيب عليه السلام منهم، فلم يقل