قوله تعالى: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا، يعني: أهلكناهم بالعذاب حين كذبوا الرسل أقاموا على كفرهم، خوَّف أهل مكة بمثل عذاب الأمم الخالية لكيلا يكذبوا محمداً صلّى الله عليه وسلّم. وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ، يعني: بالآيات بالأمر والنهي. وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا، يعني: لم يصدقوا الرسل ولم يرغبوا في الإيمان. ويقال: وما كانوا ليصدقوا بنزول العذاب بما كذبوا من قبل يوم الميثاق. كَذلِكَ نَجْزِي، يعني: نعاقب الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ، يعني: الكافرين.
قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ، يعني: جعلناكم يا أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ، يعني: من بعد هلاكهم، لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ. وهذا على معنى التهديد، يعني: إنْ كانت معاملتكم مثل معاملتهم في تكذيب الرسل، أهلكتكم كما أهلكت تلك القرون.
قوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ، يعني: القرآن، قالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقاءَنَا يعني: كفار قريش لما سمعوا القرآن قالوا: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ، يعني:
امحه وانسخه، فإنا نجد فيه تحريم عبادة الأوثان وما نحن عليه، وهذا قول الضحاك. وقال الكلبي: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ يعني: المستهزئين، وكانوا خمسة رهط قالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقاءَنَا يعني: لا يخافون البعث بعد الموت ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ ائت يا محمد أو اجعل مكان آية الرحمة آية العذاب، ومكان آية العذاب آية الرحمة، وقال الزجاج: معناه ائت بقرآن ليس فيه ذكر البعث والنشور، وليس فيه عيب آلهتنا، أو بدل منه ذكر البعث والنشور.
قال الله تعالى: قُلْ مَا يَكُونُ لِي، يعني: قل: ما يجوز لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي يقول من قبل نفسى. إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ، يعني: لا أعمل إلا ما أومر به وأنزل عليّ من القرآن. إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي، يعني: إني أعلم أن لو فعلت ما لم أؤمر به عَذابَ