في الجنة. وذلك أنه لما نزل قوله عز وجل: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ٢٠] فقال المؤمنون: هذا لك. فما لنا؟ فنزل قوله تعالى: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [النساء: ١٣٨] في الجنة فلما سمع المنافقون ذلك قالوا فما لنا فنزل وبَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً [النساء: ١٣٨] .
ثم رجع إلى ما ذكر في أول السورة فقال تعالى: وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ من أهل مكة وَالْمُنافِقِينَ من أهل المدينة وَدَعْ أَذاهُمْ أي: تجاوز عن المنافقين، ولا تقتلهم. ويقال:
ودع أذاهم يعني: اصبر على أذاهم. وإن خوفك شيء منهم فتوكل على الله يعني: فوض أمْرك إلى الله. وروى الأعمش عن سفيان بن سلمة عن ابن مسعود. وقال: قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم قسمة. فقال رجل من الأنصار: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. فأخبر بذلك، فاحمر وجهه، فقال:«رَحِمَ الله أخِي مُوَسى- عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هذا فَصَبَر» . ثم قال:
وقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ قرأ حمزة والكسائي تماسوهن وقرأ الباقون تَمَسُّوهُنَّ مثل الاختلاف الذي ذكرنا في سورة البقرة فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ يعني: ليس للأزواج عليهن عدة تَعْتَدُّونَها وإنما خصّ المؤمنات، لأن نكاح المؤمنات كان مباحاً في ذلك الوقت. فلما أحلّ الله تعالى نكاح الكتابيات، صار حكم الكتابية وحكم المؤمنة في هذا سواء إذا طلقها قبل أن يخلو بها لا عدة عليها بالإجماع. وإن طلقها بعد ما خلا بها، ولم يدخل بها فقد روي عن ابن مسعود وابن عباس- رضي الله عنهما- أنهما قالا: لا عدة عليها. وقال عمر وعلي ومعاذ وزيد بن ثابت