قوله عز وجل: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مر بأبي سفيان بن حرب، وأبي جهل بن هشام، فقال أبو جهل لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف كالمستهزئ، فنزل قوله: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً، يعني: ما يقولون لك إلا سخرية. ثم قال: أَهذَا الَّذِي يعني: يقولون أهذا الذى يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ بالسوء؟ ويقال: أهذا الذي يعيب آلهتكم؟ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ، يعني: جاحدين تاركين، وهذا كقوله عز وجل وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [الزمر: ٤٥] قال الكلبي: وذلك حين نزل قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء: ١١٠] فقال أهل مكة: ما يعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب، فنزل: وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ [الأنبياء: ٣٦] .
قوله عز وجل: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ، أي مستعجلاً بالعذاب، وهو النضر بن الحارث، وقال القتبي: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ أي خلقت العجلة في الإنسان. ويقال: إن آدم عليه السلام استعجل حين خلق، واستعجل كفار قريش نزول العذاب، كما استعجل آدم عليه السلام قال الله تعالى: سَأُرِيكُمْ آياتِي قال الكلبي رحمه الله: يعني: ما أصاب قوم نوح وقوم هود وصالح، وكانت قريش يسافرون في البلدان فيرون آثارهم ومنازلهم، ويقال: يعني القتل ببدر، ويقال: يعني يوم القيامة. فَلا تَسْتَعْجِلُونِ بنزول العذاب.
ثم قال عز وجل: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ؟ يعني: البعث إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟
يعني: إن كنت صادقاً فيما تعدنا أن نبعث؟ فنزل قوله عز وجل: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لاَ يَكُفُّونَ، يعني: لا يصرفون ولا يرفعون. عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ، لأن أيديهم تكون مغلولة، وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ في الآخرة، وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يعني: لا يمنعون عما نزل بهم من العذاب. وجوابه مضمر، يعني: لو علموا ذلك الآن لامتنعوا من الكفر والتكذيب. بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً، يعني: الساعة تأتيهم فجأة، فَتَبْهَتُهُمْ يعني: فتفجأهم، فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها، أي: صرفها عن أنفسهم. وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ، يعني: لا يمهلون ولا يؤجلون.