للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحِيمٌ

، يعني: رَحِيمٌ مع شركهم ومعصيتهم، حيث يرزقهم في الدنيا ولم يعاقبهم في العاجل.

ثم قال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ، يعني: خلقكم ولم تكونوا شيئا، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ في الدنيا، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ للبعث. إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ، أي كفور لنعمه لا يشكره ولا يطيعه.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٧ الى ٧١]

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١)

قوله عز وجل: لِكُلِّ أُمَّةٍ، يعني: لكل قوم جَعَلْنا مَنْسَكاً، يعني: مذبحاً. هُمْ ناسِكُوهُ، يعني: ذابحوه، وفي منسك من الاختلاف ما سبق. فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ، لا يخالفنك في أمر الذبيحة. نزلت في قوم من خزاعة قالوا: ما ذبح الله، فهو أحل مما ذبحتم.

وقال الزجاج: المعنى فيه: أي فلا يجادلنك ولا تجادلهم، والدليل عليه: وإن جادلوك. ويقال:

فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ يعني: لا يغلبونك في المنازعة. وَادْعُ إِلى رَبِّكَ، يعني: ادع الخلق إلى معرفة ربك، وإلى توحيد ربك. إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ، على دين مستقيم.

قوله عز وجل: وَإِنْ جادَلُوكَ، يعني: إن حاججوك في أمر الذبيحة والتوحيد، فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ يعني: عالماً بأعمالكم فيجازيكم، وذلك قوله: اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ، يقضي بينكم يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من الدين والذبيحة.

قال عز وجل: أَلَمْ تَعْلَمْ يا محمد، أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ، يعني: إن ذلك العلم مكتوب في اللوح المحفوظ. إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ أي: إن كتابته. عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، يعني: هين حال حفظه على الله، أي كتابته على الله يسير.

ثم قال عز وجل: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً، يعني: عذر ولا حجة.

قرأ أبو عمرو في إحدى الروايتين مَا لَمْ يُنَزِّلْ بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد. وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، يعني: ليس لهم بذلك حجة من المعقول. وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ، يعني:

مانع يمنعهم من العذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>