للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكسائي عن العرب أنه يقال للرجل: من رب هذه الدار؟ فيقول: لفلان، يعني: هي لفلان.

والمعنى في ذلك، أنه إذا قيل: من صاحب هذه الدار؟ فكأنه يقول: لمن هذه الدار. وإذا قال المجيب: هي لفلان، أو قال: فلان، فهو جائز ولو كان الأول الله، لكان يجوز في اللغة، ولكنه لم يقرأ والاختلاف في الآخرين. ثم قال: قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ عبادة غير الله تعالى، فتوحدوه.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٨٨ الى ٩٠]

قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠)

قوله عز وجل: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، يعني: خزائن كل شيء. وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ، يعني: يقضي ولا يقضى عليه، ويقال: وهو يؤمن من العذاب ولا يؤمن عليه، أي ليس له أحد يؤمن الكفار من عذابه. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ، يعني: من الذين تصرفون عن الإسلام وعن الحق.

ثم قال عز وجل: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ، قال الكلبي: يعني: القرآن، وقال مقاتل: يعني:

جئناهم بالتوحيد. وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في قولهم أن الملائكة عليهم السلام كذا وكذا

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩١ الى ٩٥]

مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥)

ثم قال عز وجل: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ، أي من شريك. إِذاً لَذَهَبَ، يعني: لو كان معه آلهة لذهب كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ، يعني: لاستولى كل إله بما خلق وجمع لنفسه ما خلق. وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ، يعني: ولغلب بعضهم على بعض. - كفعل ملوك أهل الدنيا يلتمس بعضهم قهر بعض ويقال: استولى على ما خلق دون صاحبه، ولغلب بعضهم على بعض «١» - سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ من الكذب.

قوله عز وجل: عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ، يعني: عالم السر والعلانية، ويقال: عالم بما مضى وما هو كائن. فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، يعني: هو أجلُّ وأعلى مما يوصف له من الشريك والولد. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص: عالِمِ الْغَيْبِ بكسر الميم على معنى النعت لقوله سُبْحانَ اللَّهِ، وقرأ الباقون بالضم على معنى الابتداء.


(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>