يعني: أوصاني وأمرني بإتمام الصلاة وإعطاء الزكاة مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوالِدَتِي، يعني: جعلني رحيماً بوالدتي، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا يعني: لم يخذلني حتى صرت به جباراً عصياً.
وَالسَّلامُ عَلَيَّ يعني: السلام عليّ من الله عز وجل يَوْمَ وُلِدْتُ يعني: حين ولدت، وَيَوْمَ أَمُوتُ يعني: حين أموت، وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يعني: أبعث يوم القيامة. فكلمهم بهذا ثمّ سكت، فلم يتكلم حتى كان قدر ما يتكلم الغلمان.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]
ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦)
ثم قال عز وجل: ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، أي ذلك الذي قال: إني عبد الله، هو عيسى ابن مريم عليه السلام، لا كما يقول النصارى إنه إله. قَوْلَ الْحَقِّ، يعني: خبر الصدق. قرأ عاصم وابن عامر قَوْلَ الْحَقِّ بنصب اللام، وقرأ الباقون بالضم. فمن قرأ بالنصب فمعناه:
أقول قول الحق، ومن قرأ بالضم معناه: وهو قول الحق. الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، يعني: يشكون في عيسى عليه السّلام ويختلفون فيما بينهم.
ثم كذبهم في قولهم، فقال عز وجل: مَا كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ، يعني: عيسى. ثم نزه نفسه عن الولد فقال: سُبْحانَهُ، إِذا قَضى أَمْراً يعني: إذا أراد أن يخلق خلقاً مثل عيسى، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
، قرأ ابن عامر فَيَكُونُ بنصب النون، وقرأ الباقون بالضم، وقرأ بعضهم: تَمْتَرُونَ بالتاء على وجه المخاطبة، وقراءة العامة بالياء، لأنها ليست فيها مخاطبة.
ثم قال: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وَإِنَّ اللَّهَ بنصب الألف رَبُّكُمْ بالنصب على معنى البناء، وقرأ والباقون وَإِنَّ اللَّهَ بالكسر على معنى الابتداء وهي قراءة أبي عبيدة. وفي قراءة أبيّ إِنَّ اللَّهَ بغير واو فتكون قراءته شاهدة على الكسر.
ثم قال: فَاعْبُدُوهُ، يعني: وحدوه وأطيعوه. هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ، يعني: هذا الإسلام طريق مستقيم.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (٣٩)
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ، يعني: الكفار من أهل النصارى مِنْ بَيْنِهِمْ يعني:
بينهم في عيسى عليه السّلام وتفرقوا ثلاث فرق: قالت النسطورية: عيسى ابن الله، واليعقوبية قالوا: إن الله هو المسيح، والملكانية قالوا: إن الله ثالث ثلاثة. فَوَيْلٌ، يعني: شدة من