للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ يعني: لمحاسبون. فيقول المؤمن لأصحابه في الجنة: قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ حتى ننظر إلى حاله، وإلى منزله، فيقول أصحابه: اطلع أنت، فإنك أعرف به منا فَاطَّلَعَ يعني: فنظر في النار فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ يعني: رأى أخاه في وسط الجحيم، أسود الوجه، مزرق العين، فيقول المؤمن عند ذلك قوله: قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ يعني: والله لقد هممت لتغويني، ولتضلني. ويقال:

لَتُرْدِينِ أي: لتهلكني يقال: أرديت فلان أي: أهلكته. والردى: الموت والهلاك. وقال القتبي في قوله: إِنَّا لَمَدِينُونَ أي: مجازون بأعمالنا. يقال: دنته بما عمل أي جازيته.

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٥٧ الى ٧٠]

وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)

أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦)

ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)

ثم قال عز وجل: وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي يعني: لولا ما أنعم الله عليَّ بالإسلام لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ معك في النار ثم أقبل المؤمن على أصحابه في الجنة فقال: يا أهل الجنة أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به النفي. يعني: لا نموت أبداً سوى موتتنا الأولى. وذلك حين يذبح الموت، فيأمنوا من الموت وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ يعني:

لم نكن من المعذبين مثل أهل النار.

قال الله عزّ وجلّ: إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يعني: النجاة الوافرة، فازوا بالجنة، ونجوا من النار لِمِثْلِ هذا يعني: لمثل هذا الثواب، والنعم، والخلود، فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ أي فليبادر المبادرون. ويقال: فليجتهد المجتهدون. ويقال: فليحتمل المحتملون الأذى، لأنه قد حفّت الجنة بالمكاره أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا يعني: الذي وصفت في الجنة خير ثواباً. ويقال رزقاً. ويقال: منزلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ للكافرين إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ يعني: ذكر الشجرة بلاء للمشركين. قال قتادة: زادتهم تكذيباً، فقالوا: يخبركم محمد أن في النار شجرة، والنار تحرق الشجر. وقال مجاهد: إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً قول أبي جهل: إنما الزقوم التمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>