للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يشعركم لعلها إذا جاءت. وقرأ ابن عامر وحمزة لاَ تُؤْمِنُونَ بالتاء على معنى المخاطبة، وهذه القراءة توافق لقول مقاتل.

ثم قال:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١١٠ الى ١١١]

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١)

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ يعني: نترك قلوبهم وأبصارهم مغلقة كما هي ولا أوفقهم.

كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ قبل نزول الآيات ويقال عند انشقاق القمر: لما لم يعتبروا به ولم يؤمنوا فعاقبهم الله تعالى وختم على قلوبهم فثبتوا على كفرهم. وَنَذَرُهُمْ يقول: وندعهم فِي طُغْيانِهِمْ يعني: في ضلالتهم يَعْمَهُونَ يعني: يترددون ويتحيرون فيه. ويقال: كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني: كما لم يؤمن به أوائلهم من الأمم الخالية لما سألوا الآية من أنبيائهم قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ هذا جواب لقولهم: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ [الأنعام: ٨] فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً [الفرقان: ٧] قال الله تعالى. ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة كما سألوا حتى يشهدوا بأنك رسول الله وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى بأنك رسول الله وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا قرأ نافع وابن عامر قُبُلًا بكسر القاف ونصب الباء. وقرأ الباقون بالضم، فمن قرأ بالضم فمعناه جماعة القبيل. والقبيل الكفيل. ويقال قبلاً: أي أصنافاً من الآدميين ومن الملائكة ومن الوحش. ومن قرأ قُبُلًا بالكسر معناه: وحشرنا عليهم كل شيء معاينة فعاينوه. مَّا كانُوا لِيُؤْمِنُوا وهذا إعلام للنبي صلى الله عليه وسلم بأنهم لا يؤمنون كما أعلم نوحاً- عليه السلام- أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ [هود: ٣٦] .

ثم قال: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ يعني: إلا من هو أهل لذلك فيوفقه الله تعالى. ويقال: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ يقول: قد شاء الله أن لا يؤمنوا حيث خذلهم ولم يوفقهم. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ عن ذلك ويقال: أكثرهم يجهلون الحق أنه من الله تعالى. ويقال: يجهلون ما في العلامة من وجوب هلاكهم بعد العلامة إن لم يؤمنوا. قوله تعالى:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١١٢ الى ١١٣]

وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>