أبتدع ما لم أومر هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ يعني: القرآن بيان من ربكم. وقال بعض أهل اللغة:
البصائر في اللغة: طرائق الأمر واحدتها بصيرة: ويقال: طريقة الدين معناه: ظهور الشيء وبيانه وَهُدىً وَرَحْمَةٌ أي: القرآن هدى من الضلالة ويقال: كرامة ورحمة من العذاب ونعمة لمن آمن به لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يعني: يصدقون.
قوله تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وذلك أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة قبل نزول هذه الآية، فنهوا عن ذلك، وأمروا بالسكوت. وروى عبد الوهاب عن مجاهد عن أبي العالية الرياحي قال: كان النبي- عليه السلام- إذا صلى فقرأ وقرأ أصحابه خلفه حتى نزل وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا فسكت القوم. وقرأ النبي- عليه السلام- وروى قتادة عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قال في الصلاة. وروى مغيرة عن إبراهيم مثله، وسئل ابن عباس- رضي الله عنهما- عن قوله: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ هذا لكل قارئ؟ قال: لا، ولكن هذا في الصلاة المفروضة. وقال أبو هريرة- رضي الله عنه- مثله. وقال مجاهد: وجب الإنصات في موضعين في الصلاة والإمام يقرأ، وفي الجمعة والإمام يخطب. وعن مجاهد أنه قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم. وقال عطاء والحسن إن هذا في الصلاة والخطبة. ويقال: فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا أي: اعملوا بما في كتاب الله تعالى ولا تجاوزوا عنه إلى غيره ثم قال لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ لكي ترحموا فلا تعذبوا.
قوله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً يقول: اقرأ يا محمد إذا كنت إماماً بنفسك تضرعاً يعني: مستكيناً وَخِيفَةً يعني: وخوفاً من عذابه وهذا قول مقاتل. وقال الكلبي:
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ يعني: سراً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ يعني: العلانية حتى يسمع من خلفك. وقال الضحاك: معناه اجهر بالقراءة في الغداة والمغرب والعشاء وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ يعني: لا تغفل عن القراءة في الظهر والعصر، فإنك تخفي القراءة فيهما وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «اذْكُرُوا الله ذِكْراً كَثِيراً خَامِلاً» قيل: وما الذكر الخامل؟ قال: