للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٢ الى ١١٦]

قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لاَ تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)

قوله عز وجل: قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ، يعني: في القبر. ويقال: في الدنيا. ويروى عن ابن عباس في بعض الروايات أنه قال: «لا أدري في الأرض أم في القبر؟» وقال مقاتل: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي القبر عَدَدَ سِنِينَ. قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ، قال الأعمش: يعني: الحافظين، وقال مقاتل: يعني: ملك الموت وأعوانه، وقال قتادة: يعني:

فاسأل الحسَّاب، وقال مجاهد: يعني: الملائكة عليهم السلام، وهكذا قال السدي. قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ في القبر أو في الدنيا، إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يعني: لو كنتم تصدقون أنبيائي عليهم السلام في الدنيا، لعرفتم أنكم ما مكثتم في القبور إلا قليلاً. قرأ حمزة والكسائي وابن كثير: قل كَمْ لَبِثْتُمْ على معنى الأمر، وكذلك قوله قُلْ إِنْ لَّبِثْتُمْ، وقرأ الباقون:

قالَ بالألف، وقرأ حمزة والكسائي: فسل العادين بغير همز، وقرأ الباقون: فَسْئَلِ بالهمزة.

قوله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً، أي: لعباً وباطلاً لغير شيء، يعني: أظننتم أنكم لا تعذبون بما فعلتم؟ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لاَ تُرْجَعُونَ بعد الموت. قرأ حمزة والكسائي: لاَ تُرْجَعُونَ بنصب التاء وكسر الجيم، وقرأ الباقون بضم التاء ونصب الجيم لا تُرْجَعُونَ، وكذلك التي في القصص قالوا: لأنها من مرجع الآخرة، وما كان من مرجع الدنيا فقد اتفقوا في فتحه، مثل قوله: وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ [يس: ٥٠] . قال أبو عبيد: وبالفتح نقرأ، لأنهم اتفقوا في قوله تعالى: أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ [الأنبياء: ٩٥] ، وقال: إنهم لاَ يرجعون وقال أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ [المؤمنون: ٦٠] ، كقوله: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة: ١٥٦] ، فأضاف الفعل إليهم.

ثم قال عز وجل: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ، يقول: ارتفع وتعظم من أن يكون خلق شيئاً عبثاً، وإنما خلق لأمر كائن. ثم وحد نفسه فقال: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، يعني: السرير الحسن.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٧ الى ١١٨]

وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لاَ بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)

قوله عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لاَ بُرْهانَ لَهُ بِهِ، يقول: لا حجة له بالكفر ولا عذر يوم القيامة. فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ في الآخرة، يعني: عذابه. إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكافِرُونَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>