للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك أرض. فلما انتهى إليهم، جعل يسجد ويصلي عند الصنم ويريهم أنه يعبد الصنم، وهو يريد عبادة الله تعالى. ثم إن الملك ظهر له عدو. فقالوا لهذا الرسول: أشر علينا بشيء في هذا الأمر. فقال: نتشفع إلى هذا الذي نعبده. فجعلوا يسجدون له ويتشفعون إليه، فلا يسمعون منه جواباً. فقالوا: إنه لا ينفعنا شيئاً. قال لهم: لم تعبدون من لا يدفع عنا ضراً؟ ارجعوا حتى نعبد من ينفعنا. فقالوا لمن نعبد؟ قال: لرب السماء. فجعل يدعو ويدعون حتى فرّج، الله عنهم. فآمن به بعضهم. وكذلك هاهنا أراد إبراهيم- عليه السلام- أن يريهم قبح ما يعبدون مِن دُونِ الله، لعلهم يرجعون فلما لم يرجعوا قال يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ قرأ حمزة والكسائي رَأى كَوْكَباً بكسر الراء والألف، وهي لغة لبعض العرب والنصب أفصح.

قوله تعالى:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٨٠ الى ٨٣]

وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)

وَحاجَّهُ قَوْمُهُ معناه: وحاجّه قومه في دين الله يعني خاصموه ف قالَ لهم إبراهيم أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ يعني: أتخاصموني في دين الله وَقَدْ هَدانِ الله لدينه. قرأ نافع وابن عامر في رواية ابن ذكوان أَتُحاجُّونِّي بتشديد الجيم وتخفيف النون. وقرأ الباقون بتشديد النون. لأن أصله أتحاجونني بنونين فأدغم أحدهما في الآخر. فقال: أَتُحاجُّونِّي يعني:

أتجادلوني في دين الله وَقَدْ هَدانِ يعني: بيّن لي الطريق. وكانت خصومتهم أنهم حين سمعوه عاب آلهتهم فقالوا له: أما تخاف تخبلك فتهلك؟ فقال: إني لا أخاف ما لا يسمع ولا يبصر. وقال الكلبي ومقاتل: لما خوّفوه بذلك قال لهم: إنما تخافون أنتم إذ سوّيتم بين الذكر والأنثى، والصغير والكبير. أما تخافون من الكبير إذ سويتموه بالصغير؟ وهذا قوله: وَلا أَخافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ.

قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً فيضلني، فأخاف منهم. ويقال: إلا أن يشاء ربي شيئاً يعني: ملأ علم ربي كُلَّ شَىْء عِلْماً. يعني: يعلم السر والعلانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>