للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال عز وجل: لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً، يعني: الأصنام مَّا وَرَدُوها، أي ما دخلوها ومنعوا أنفسهم ومن عبدهم من النار. وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ، يعني: العابد والمعبود.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٣]

لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لاَ يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)

لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ، يعني: في النار صوتهم مثل نهيق الحمار. وَهُمْ فِيها لاَ يَسْمَعُونَ، يعني: عيسى وعزيرا عليهما السلام في الجنة لا يسمعون زفيرهم. ويقال: يعني، أن أهل النار لا يسمعون في النار الصوت، وذلك حين يقال لهم: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ، فصاروا صماً بكماً عمياً.

ثم قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى، يعني: الذين وجبت لهم منا الجنة، وهم: عيسى وعزيراً. أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ، يعني: منجون من النار.

قوله: لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَها، يعني: صوت جهنم وَهُمْ فِي مَا يعني: في الجنة اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ، يعني: تمنت أنفسهم في الجنة. خالِدُونَ، يعني: دائمين. لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ قال ابن عباس رضي الله عنه يعني: النفخة الأخيرة ودليله قوله تعالى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ [النمل: ٨٧] ، وقال الحسن: حين يؤمر بالعبد إلى النار، وقال مقاتل: إذا ذبح الموت بين الجنة والنار، فيأمن أهل الجنة من الموت ويفزع أهل النار، فيفزعون حين أيسوا من الموت. وقال الكلبي، وسعيد بن جبير، والضحاك: إنه حين وضع الطبق على النار بعد ما أخرج منها من أخرج، فيفزعون لذلك فزعاً لم يفزعوا لشيء قط، وذلك الفزع الأكبر. وقال مقاتل وابن شريح: حين يذبح الموت على هيئة كبش أملح على الأعراف، والفريقان ينظرون فينادى: يا أهل الجنة، خلود لا موت، ويا أهل النار، خلود لا موت. وقال ذو النون المصري: هو القطيعة والفراق، ويقال: إنه الموت، لأن أول هول يراه الإنسان من أمر الآخرة هو الموت ويقال: الفزع الأكبر عند قوله: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس: ٥٩] ويقال: هذا حين دعوا إلى الحساب، ويقال:

عند الصراط.

ثم قال تعالى: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ، يعني: يوم القيامة لأهل الجنة. قال مقاتل: يعني الملائكة الذين كتبوا أعمال بني آدم، حين خرجوا من قبورهم فيقولون للمؤمنين: هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ في الجنة. وقال الكلبي: تتلقاهم الملائكة عند باب الجنة ويبشرونهم بذلك، ويقولون: هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ في الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>