دراهمهم رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا لأبيهم يا أَبانا مَا نَبْغِي يعني: ما نكذب، إنه ألطف علينا وأكرمنا هذِهِ بِضاعَتُنا أي: دراهمنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا يعني: نمتار لأهلنا، يعني: مار أهله، وأمار لأهله، إذا حمل إليهم قوتهم من غير بلده، يعني: ابعثه معنا لكي نحمل الطعام لأهلنا وَنَحْفَظُ أَخانا من الضيعة وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ أي: حمل بعير من أجله.
روى الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة: أنه كان يقرأ رُدَّتْ إِلَيْنا بكسر الراء، لأن أصله رددت، فأدغمت إحدى الدالين في الأخرى، ونقل الكسر إلى الراء، وهي قراءة شاذة.
ثم قال: ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ يعني: سريع، لا حبس فيه إن أرسلته معنا ويقال: ذلك أمر هين الذي نسأل منك.
قالَ لهم يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ يعني: تعطوني عهداً وثيقاً من الله لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ قال الكلبي: إلا أن ينزل بكم أمر من السماء، أو من الأرض. وروى معمر عن قتادة أنه قال: إلا أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك. وقال مجاهد: إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ يعني: تهلكوا جميعاً. وقال الفراء: إلا أن يأتيكم من أمر الله تعالى ما يعذركم.
ثم قال تعالى: قالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ يعني: قال يعقوب لبنيه حين أرادوا الخروج: يا بني لا تدخلوا من باب واحد، يعني: إذا دخلتم مصر، فلا تدخلوا من سكة واحدة، ومن طريق واحد. ويقال: من درب واحد وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ يعني: من سكك متفرقة، ومن طرق شتى، لكي لا يظن بكم أحد أنكم جواسيس. ويقال: خاف يعقوب عليهم العين لجمالهم وقوتهم، وهم كلهم بنو رجل واحد. فإن قيل: أليس هذا بمنزلة الطيرة،