ثمّ قال تعالى: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ، يعني: بحر القلزم. ويقال: هو نهر مصر، وهو النيل. فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ يعني: لحقهم. وقال القتبي: أتبعت القوم: أي لحقتهم، وتبعتهم: كنت في أثرهم. ثمَّ قال: بَغْياً يعني: تكبُّراً وَعَدْواً يعني: ظلماً.
ويقال: بَغْياً في المقالة حيث قال: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [الشعراء: ١٨] وَعَدْواً يعني:
ويقال: بلغه الموت والأجل، وذلك أن بني إسرائيل لما رأوا فرعون ومن معه، قالوا: هذا فرعون، وقد كنا نلقى منه ما نلقى، فكيف بنا وأين المخرج في البحر؟ فأوحى الله إلى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ [الشعراء: ٦٣] فضرب، فصار اثني عشر طريقاً يابساً. فلمّا انتهى فرعون إلى البحر، فرآها قد يبست فقال لقومه: إن البحر قد يبس خوفاً مني فصدّقوه، وهو قوله: وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى [طه: ٧٩] ولما جاوز قوم موسى، ودخل قوم فرعون، فلما هَمَّ أولهم أن يخرج من البحر، ودخل آخرهم، طم عليهم البحر فغرّقهم. وقالَ فرعون عند ذلك آمَنْتُ أي صدّقت أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ على دينهم، ويقال: أنا ممن المخلصين على التوحيد. قرأ حمزة، والكسائي: أَنَّهُ بالكسر على معنى الابتداء، الباقون بالنصب على معنى البناء، أي: صدّقت بأنه لا إله إلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بنو إسرائيل.
قال الله تعالى: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ يعني: أتُؤمن في هذا الوقت حين عاينت العذاب، وقد عصيت قَبْلُ يعني: قبل نزول العذاب؟ وهذا موافق لقوله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [النساء: ١٨] الآية. ويقال: إن جبريل هو الذي قال له: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ يعني:
من الكافرين.
قال الفقيه أبو الليث، حدّثنا الفقيه أبو جعفر، قال: حدّثنا علي بن أحمد، قال: حدّثنا نصر بن يحيى، قال: حدثنا أبو مطيع، عن الحسن بن دينار، عن حميد بن هلال، قال: كان