ومعناه: إن أعرضتم عن الإيمان لا يضرُّني لأنِّي لا أطلب منكم بذلك أجرا في الدنيا، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يعني: وأُمرتُ أن أستقيم على التَّوحيد مع المسلمين.
قوله تعالى: فَكَذَّبُوهُ بالعذاب، بأنَّه غير نازلٍ بهم فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ من الغرق، وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ يعني: خلفاء من بعد هلاكِ كفّارهم، وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يعني: أهلكنا الذين كذَّبوا نوحاً بما أتاهم به فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ يعني:
قوله تعالى: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ أي: من بعد هلاك قوم نوح رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ، مثل: هود، وصالح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، عليهم السلام فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يعني: بالأمر والنهي. ويقال: بالآيات والعلامات، فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ قال مقاتل: يعني: ما كان كُفَّار مكة ليصدِّقوا بالعذاب أنه نازل بهم، كما لم يصدق به أوائلهم من قبل كفار مكة. وقال الكَلْبِي: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ عند الميثاق، حين أخرجهم من صلب آدم. وقال: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا يعني: أُولئك القوم ما بعد دعاهم الرُّسل بما كذبوا به مِن قَبْلِ أَن يأتيهم الرُّسل كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ يعني: نختم على قلوبهم المتجاوزين من الحلال وإلى الحرام. ويقال: صار تكذيبهم طبعاً على قلوبهم، فمنعهم عن الإيمان.
قوله تعالى: ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ أي: من بعد الرُّسل مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ بِآياتِنا التّسع ثم قال: فَاسْتَكْبَرُوا يعني: تكبَّروا عن الإيمان وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ يعني:
مشركين.
قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ يعني: ظهر لهم الحقُّ مِنْ عِنْدِنا من عند الله تعالى قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ يعني: الَّذي أتيتنا به كذب بيّن قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وفي الآية مضمر، ومعناه: أتقولون للحق لما جاءكم إنَّه سحر؟ ثمَّ قال: