وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ يعني يتصدقون طلب رضاء الله تعالى بصدقاتهم وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يعني وتصديقاً من قلوبهم، يعني يصدقون الله تعالى بالثواب في الآخرة، والخلف في الدنيا. ويقال: وتثبيتا من أنفسهم، يعني وتحقيقاً من قلوبهم يقصدون بها وجه الله. كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ يعني بستاناً في مكان مستو مرتفع. أَصابَها وابِلٌ يعني البستان أصابه المطر الشديد فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: أكلها بجزم الكاف، ونصب اللام. وقرأ الباقون بالضم أكلها، وتفسير القراءتين واحد، وقرأ عاصم وأبو عمرو بربوة بنصب الراء، وقرأ الباقون بالضم، وقرأ ابن سيرين بكسر الراء، وفيه ثلاث لغات: رَبْوَة وَرِبْوَةَ وَرَبْوة. وتفسير القراءات واحد.
وفي الآية تقديم وتأخير، ومعناه كمثل جنة بربوة أصابها وابل فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ فأتت أكلها ضعفين، يعني البستان إذا أصابه المطر أو الطل، والطل البطيء من المطر، وهو مثل الندى، فأتت أكلها ضعفين، يعني اخضرت أوراق البستان، وأخرجت ثمرها ضعفين، فكذلك الذي يتصدق به لوجه الله تعالى يكون له الثواب ضعفين، يعني للواحد عشرة إلى سبعمائة إلى ما لا نهاية له وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ثم ضرب مثلاً آخر، لعمل الكافر والمنافق فقال تعالى:
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ يقول: مثل الكافر كمثل شيخ كبير، له بستان، وله أولاد صغار ضعفاء عجزة، لا حيلة لهم، ومعيشته ومعيشة ذريته من بستانه تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ يعني ريحاً بها نار، أي فأتته السموم الحارة، فأحرقت بستانه، ولم يكن له قوة أن يغرس مثل بستانه، ولم يكن عند ذريته خير يعينونه، فيبقى متحيراً، فكذلك الكافر إذا