حركوا وأجهدوا، حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قال مقاتل: يعني شعيب النبيّ صلّى الله عليه وسلم وهو اليسع. وقال الكلبي: هذا في كل رسول بعث إلى أمته، واجتهد في ذلك حتى قال:
مَتى نَصْرُ اللَّهِ؟ قال الله تعالى: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ.
روي عن الضحاك أنه قال: يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. ومعنى ذلك أظننتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا كما ابتلي الذين مِن قَبْلِكُم، مَّسَّتْهُمُ البأسآء والضراء وزلزلوا فيصيبكم مثل ذلك، حتى يقول: محمد صلى الله عليه وسلم: مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ، يعني فتح الله تعالى قريب، أي فتح الله تعالى إلى مكة عاجلٌ. وإنما ظهر لهم ذلك في يوم الأحزاب، فأصابهم خوف شديد وكانوا كما قال الله تعالى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا [الأحزاب: ١٠] ، فصدق الله وعده وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً، وهزم الكفار. فذلك قوله تعالى: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ قرأ نافع: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ بالرفع على معنى المستأنف. وقرأ الباقون:
قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حثهم على الصدقة، قال عمرو بن الجموح: يا رسول الله، كم ننفق وعلى من ننفق؟ فنزلت هذه الآية: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ، أي ماذا يتصدقون من أموالهم؟ قُلْ مآ أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ، أي من مال فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، يعني أنفقوا على الوالدين والقرابة وعلى جميع المساكين. فهذا جواب لقولهم: على من ننفق؟ ونزل في جواب قولهم: ماذا ننفق؟ قوله تعالى: قُلِ الْعَفْوَ [البقرة: ٢١٩] ، أي الفضل من المال ثم نسخ ذلك بآية الزكاة. وقال بعضهم: آية الزكاة نسخت كل صدقة كانت قبلها. وقال بعضهم: هذه الآية ليست بمنسوخة وإنما فيها بر الوالدين وصلة الأرحام. ثم قال تعالى: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ، أي يجازيكم به.