ثمّ قال: وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ يعني: حاذقا بالسّحر. قرأ حمزة والكسائي: سَحَّارٍ، على معنى المبالغة، وقرأ الباقون: بِكُلِّ ساحِرٍ فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ يعني: اطرحوا ما في أيديكم من العصيّ والحبال إلى الأرض فَلَمَّا أَلْقَوْا ما معهم من الحبال والعِصِيِّ إلى الأرض قالَ مُوسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ يعني: العمل الذي عملتم به هو السِّحر إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ يعني: سيهلكه إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ يعني: لا يرضى عمل المفسدين. قرأ أبو عمرو: السِّحر، بالمدِّ على وجه الاستفهام، ويكون معناه: قالَ مُوسى مَا جِئْتُمْ بِهِ يَعني ما الَّذي جئتم به؟ وتمَّ الكلام. ثم قال: السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ يعني: عمل السحرة.
قوله تعالى: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ يعني: يظهر دينه الإسلام بتحقيقه وبنصرته وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ يعني: فرعون وقومه.
قَالَ الله تعالى: فَما آمَنَ لِمُوسى يعني: ما صدَّق بموسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ يعني:
قبيلته من قومه الذين كانت أمَّهاتهم من بني إسرائيل، وآباؤهم من القبط. وروى مقاتل، عن ابن عباس أنه قال: إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ، يعني: من قوم موسى وهم بنو إسرائيل، وهم ستمائة ألف. وكان يعقوب حين ركب إلى مصر من كنعان في اثنين وسبعين إنساناً، فتوالدوا بمصر حتّى بلغوا ستمائة ألف. ويقال: إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ، يعني: خربيل وهو الذي قال في آية أخرى: وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [غافر: ٢٨] .