وقال الضحاك: معناه كيف تحبون الكفار وهم لا يحبونكم وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ يعني بالتوراة والإنجيل وسائر الكتب، ولا يؤمنون بذلك كله، وقد فضلكم الله عليهم بذلك، لأنهم لا يؤمنون إلا بكتابهم وَإِذا لَقُوكُمْ يعني المنافقين منهم قالُوا آمَنَّا بمحمد صلّى الله عليه وسلم إنه رسول الله وَإِذا خَلَوْا فيما بينهم عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ يعني أطراف الأصابع مِنَ الْغَيْظِ والحنق عليكم فيقول بعضهم لبعض: ألا ترون إلى هؤلاء قد ظهروا وكثروا. قال الله تعالى لمحمد صلّى الله عليه وسلم: قُلْ لهم يا محمد مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ يقول موتوا بحنقكم على وجه الدعاء، والطرد واللعن، لا على وجه الأمر والإيجاب، لأنه لو كان على وجه الإيجاب، لماتوا من ساعتهم. كما قال في موضع آخر: فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا [البقرة: ٢٤٣] ، فماتوا من ساعتهم، فهاهنا لم يرد به الإيجاب.
وقال الضحاك: قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ، يعني أنكم تخرجون من الدنيا بهذه الحسرة، والغيظ يعني اللفظ لفظ الأمر، والمراد به الخبر، يعني أنكم تموتون بغيظكم ثم قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ يعني بما في قلوبكم من العداوة للمؤمنين، إن الله يجازيكم بذلك.
ثم قال للمؤمنين: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ يعني الظفر والغنيمة، كما أصابكم يوم بدر تَسُؤْهُمْ أي يسوؤهم وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يعني الهزيمة، كما أصابكم يوم أحد، ويقال:
الشدة في العيش والقحط يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا على أذى المنافقين واليهود وَتَتَّقُوا المعصية والشرك. وهذا قول الكلبي.
وقال مقاتل وَإِنْ تَصْبِرُوا على أمر الله وَتَتَّقُوا معاصيه. لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً يقول: لا تضركم عداوتهم شيئاً. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: لاَ يَضِرْكُمْ بكسر الضاد وجزم الراء، وقرأ الباقون بضم الضاد وتشديد الراء، ومعناهما قريب في التفسير، يعني لا ضير عليكم من كيدهم إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ يعني أحاط علمه بأعمالهم، والإحاطة هي إدراك الشيء بكماله.