الأصناف الثلاثة للركوب والزينة لا للأكل وسائر الأنعام خلقت للركوب وللأكل، كما قال:
وَمِنْها تَأْكُلُونَ وبه كان يقول أبو حنيفة:«إن لحم الخيل مكروه» . وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ أي: خلق أشياء تعلمون، وخلق أشياء مما لا تعلمون. وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«إن الله خَلَقَ أَرْضَاً بَيْضَاءَ مِثْلَ الدُّنْيَا ثَلاثِينَ مَرَّةً، مَحْشُوَّةً خلقا من خلق الله تَعَالَى، لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الله تَعَالَى يُعْصَى طَرْفَةَ عَيْنٍ» قالوا: يا رسول الله أمن ولد آدم هم؟ قال:«مَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الله خَلَقَ آَدَمَ» . قالوا: فأين إبليس منهم؟ قال:«مَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الله خَلَقَ إِبْلِيسَ» ، ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ»«١» .
قوله عز وجل: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ أي: بيان الهدى، ويقال: هداية الطريق وَمِنْها جائِرٌ أي: من الطرق ما هو مائل من طريق الهدى إلى طريق اليهودية والنصرانية. وروى جويبر عن الضحاك أنه قال: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ يعني: بيان الهدى، وَمِنْها جائِرٌ أي: سبيل الضلالة. وقال قتادة: في قراءة عبد الله بن مسعود وَمِنْها جائِرٌ أي: مائلا عن طريق الهدى وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ أي: لو علم الله تعالى أن الخلق كلهم أهلاً للتوحيد لهداهم.
ويقال: لو شاء الله لأنزل آية يضطر الخلق إلى الإيمان.
قال عز وجل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَآء أي: المطر لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وهو ما يستقر في الأرض من الغدران، وتشربون منه، وتسقون أنعامكم وَمِنْهُ شَجَرٌ أي: ومن الماء ما يتشرّب في الأرض، فينبت منه الشجر والنبات فِيهِ تُسِيمُونَ أي: ترعون أنعامكم. يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ أي: يخرج لكم بالمطر الزرع، وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ أي: الكروم وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ أي: من ألوان الثمرات. قرأ عاصم في رواية أبي بكر: ننبت لَكُمْ بالنون. وقرأ الباقون بالياء، ومعناهما واحد. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني: فيما ذكر من نزول المطر وخروج النبات لعبرة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ في آياته.
ثم قال عز وجل: وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ أي ذلّل لكم الليل والنهار لمعايشكم