جبريل: لا تتعلق بهم، فإنك تنجو من البئر. فألقوه حتى وقع في قعرها، فارتفع حجر حتى قام عليه، ثم إنهم أخذوا جدياً من الغنم فذبحوه، ثم لطخوا القميص بدمه.
ثمّ أقبلوا إلى أبيهم كما قال الله تعالى: وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ يعني: بعد العصر، فلما سمع يعقوب أصواتهم، فزع وقال: يا بني ما لكم قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ يعني:
نتصيّد ويقال: ننتضل، أي يسابق بعضنا البعض في الرمي، وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فلما قالوا هذا القول: بكى يعقوب، وصاح بأعلى صوته: ثم قال: أين قميصه؟ فأخذ القميص وبكى، ثم قال إن هذا الذئب كان بابني رحيماً، كيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه؟
وروى سماك، عن عامر، أنه قال: في قميص يوسف ثلاث آيات: حين قُدَّ قميصه من دبر، وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرا، وحين جاءوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ، علم أن الذئب لو أكله لخرق قميصه.
فقال لهم: كذبتم، فقالوا له: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا يعني: بمصدق لنا في مقالتنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ في مقالتنا وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ يعني: بدم السخلة ولم يكن دم يوسف. ويقال: بدم كذب أي مكذوب به. وقرأ بعضهم: بِدَمٍ كدب بالدال، يعني: بدم طري. فأروه القميص بالدم ليعرف به، وهي قراءة شاذة، وقراءة العامة بالذال وقال يعقوب:
قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً يقول: زينت واشتهت لكم أنفسكم أمراً، فضيّعتموا يوسف قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً يقول: زينت واشتهت لكم أنفسكم أمراً، فضيّعتموا يوسف فَصَبْرٌ جَمِيلٌ يعني: على صبر جميل بلا جزع. ويقال: معناه لا حيلة لي إلا الصبر. ويقال:
معناه فصبري صبر جميل.
وروي عن بعض الصحابة، أنه كان يقرأ فصبرا جَمِيلاً، يعني: اصبر صبراً جميلاً.
وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه سئل عن قوله فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قال «صبر لا شكوى فيه، ومن بث فلم يصبر» . ثم قال: وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ يقول: أستعين بالله، وأطلب العون من الله واستعين بالله، على ما تقولون، وتكذبون من أمر يوسف.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)
قوله تعالى: وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ أي: قافلة يمرون من قبل مدين إلى مصر، فنزلوا بقرب البئر، فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ أي: طالب مائهم، ويقال: أرسل كل قوم ساقيهم يستقي لهم الماء، فجاء مالك بن دعر إلى الجب الذي فيه يوسف، فَأَدْلى دَلْوَهُ يقول: أرخى، وأرسل دلوه في البئر، فتعلق يوسف بالدلو، فنظر مالك بن دعر، فإذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان.
قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: يَا بُشْرَايَ بالألف والياء، ونصب الياء، وقرأ عاصم: يا بُشْرىً بنصب الراء وسكون الياء، وقرأ نافع في رواية