يعني: يغوصون في البحر، ويستخرجون اللؤلؤ، وقال مقاتل: وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ يعني: مردة الشياطين موثقين فِي الْأَصْفادِ يعني: في الحديد ويقال: الْأَصْفادِ الأغلال.
ثم قال عز وجل: هذا عَطاؤُنا يعني: هذا عطاؤنا لك، وكرامتنا عليك فَامْنُنْ يعني: اعتق من شئت منهم، فخلّ سبيله من الشياطين أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ يعني: احبس في العمل، والوثاق، والسلاسل من شئت منهم بِغَيْرِ حِسابٍ أي: فلا تبعة عليك في الآخرة فيمن أرسلته، وفيمن حبسته. ويقال: ليس عليك بذلك إثم وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى يعني: لقربى وَحُسْنَ مَآبٍ يعني: حسن المرجع.
قوله عز وجل: وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ يعني: واذكر صبر عبدنا أيوب إِذْ نادى رَبَّهُ يعني: دعا ربه أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ يعني: أصابني الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذابٍ وهو المشقة والعناء والأمراض، وعذاب في ماله. يعني: هلاك أهله، وماله وقد ذكرناه في سورة الأنبياء قوله عز وجل: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا يعني: قال له جبريل: اضرب الأرض برجلك، فضرب فنبعت عين من تحت قدميه، فاغتسل فيها، فخرج منها صحيحاً، ثم ضرب برجله الأخرى فنبعت عين أخرى ماء عذب بارد، فشرب منها، فذلك قوله هذا مُغْتَسَلٌ يعني: الذي اغتسل منها. ثم قال: بارِدٌ وَشَرابٌ يعني: الذي شرب منها.
قوله عز وجل: وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً يعني: قبضة من سنبل فيها مائة سنبلة. وقال الكلبي ضِغْثاً أي: مجتمعاً. وقال مقاتل: الضغث القبضة الواحدة، فأخذ عيداناً رطبة من الآس، فيه مائة عود. وقال القتبي:
الضغث الحزمة من العيدان، والكلأ فَاضْرِبْ بِهِ يعني: اضرب به امرأتك وَلا تَحْنَثْ في يمينك. وقال الزجاج: قالت امرأته: لو ذبحت عناقاً باسم الشيطان؟ فقال: لا، وَلاَ كَفّاً مِن تُرَاب. وحلف أنه يضربها مائة سوط، وأمر بأن يبرّ في يمينه إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً على البلاء الذي ابتليناه نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ يعني: مقبل على طاعة ربه. وقال وهب بن منبه: أصاب أيوب البلاء سبع سنين، ومكث يوسف في السجن سبع سنين، ويقال: إِنَّهُ أَوَّابٌ لما هلك ماله. قال: كان ذلك من عطاء الله، ولما هلك أولاده قال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة: ١٥٦]