للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقون بالجزم ومعناهما واحد، أي: تسقط علينا طبقاً، واشتقاقه من كسفت الشيء، إذا غطيته. ومن قرأ بالنصب، جعلها جمع كسفة وهي القطعة أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا، أي ضمينا وكفيلا، والقبيل: الكفيل. ويقال: من المقابلة، أي معاينا شهيداً، يشهدون لك بأنك نبي الله. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ، أي من ذهب. أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ، أي تصعد إلى السماء. وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ، أي لصعودك. حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ.

روى أسباط، عن السدي أنه قال: لما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة، جاءه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أمية المخزومي أخو أم سلمة، فأبى أن يبايعهما، فقالت أم سلمة: ما بال أخي يكون أشقى الناس بك يا رسول الله وابن عمك؟ فقال: «أمَّا ابْنُ عَمِّي، فَإنَّهَ كَانَ يَهْجُونا، وأمَّا أَخُوكِ، فَإنَّهُ زَعَمَ أنَّهُ لا يُؤْمِنُ بِي حَتَّى أَرْقَى السَّمَاءِ، وَلَوْ رَقِيتُ إلَى السَّمَاءِ لَنْ يُؤْمِنَ حَتَّى آتِيَهُ بِكِتَابٍ يَقْرَؤُهُ» . ثم دعاهما، فقبل منهما وبايعهما «١» .

قال الله تعالى: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا، فإني لا أقدر على ما تسألوني. قرأ ابن كثير وابن عامر قال سبحان على وجه الحكاية، وقرأ الباقون: قُلْ سُبْحانَ على وجه الأمر.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٤ الى ٩٦]

وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤) قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥) قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦)

قال تعالى: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا، يعني: أهل مكة إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى، يعني:

القرآن ومحمد صلّى الله عليه وسلّم. إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا، يعني: الرسول من الآدميين، ومعناه: أنه ليست لهم حجة سوى ذلك القول.

قال الله تعالى: قُلْ يا محمد: لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ، أي لو كان سكان الأرض ملائكة يمشون مُطْمَئِنِّينَ، أي مقيمين في الأرض لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا، أي لبعثنا عليهم رسولاً من الملائكة، وإنما يبعث الملك إلى الملائكة والبشر إلى البشر، فلما قال لهم ذلك قالوا له: من يشهد لك بأنك رسول الله؟ قَالَ الله تعالى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ بأني رسول الله إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً.


(١) عزاه السيوطي ٥/ ٣٣٩ إلى سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حامد. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>