قول الله سبحانه وتعالى: تَبارَكَ قال ابن عباس رضي الله عنه يعني: تعالى وتعظّم.
ويقال: تفاعل من البركة، وهذه لفظة مخصوصة، ولا يقال: يتبارك، كما يقال يتعالى. ولا يقال: متبارك، كما يقال متعالٍ. ويقال: تَبارَكَ أي ذو بركة. والبركة: هي كثرة الخير.
ويقال: أصله من بروك الإبل، يقال للواحد بارك، وللجماعة برك. وكان الإنسان إذا كان له إبل كثيرة وقد برّكهنّ على الباب يقولون: فلان ذو بركة، ويقولون للذي كان له إبل تحمل إليه الأموال من بلاد أخر: فلان ذو بركة، فصار ذلك أصلاً، حتى أنه لو كان له مال سوى الإبل لا يقال فلان ذو بركة. قال الله تعالى: تَبارَكَ أي ذو البركة. ويقال: أصله من الدوام. ويقال:
بارك في موضوع إذا دام فيه، ويقال: معناه البركة في اسمه، وفي الذي ذكر عليه اسمه.
ثم قال: الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ يعني: أنزل جبريل عليه السلام بالقرآن، والفرقان هو المخرج من الشبهات عَلى عَبْدِهِ يعني: محمدا صلّى الله عليه وسلّم لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً يعني: ليكون القرآن نذيراً للإنس والجن. ويقال: يعني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويقال: يعني الله تبارك وتعالى لِلْعالَمِينَ وأراد هاهنا جميع الخلق، وقد يذكر العام ويراد به الخاص من الناس، كقوله عزّ وجل: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ [البقرة: ٤٧ و ١٢٢] أي: على عالمي زمانهم، ويذكر ويراد به جميع الخلائق، كقوله: رَبِّ الْعالَمِينَ [الفاتحة: ٢] .
ثم قال عز وجل: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: خزائن السموات والأرض.
ويقال: له نفاذ الأمر في السموات والأرض. وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ليورثه ملكه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فينازعه في عظمته. وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ كما ينبغي أن يخلقهم. فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً يعني: بين الصلاح في كل شيء، وجعله مقدراً معلوماً. ويقال: كل شي خلقه من الخلق فقدره تقديراً، أي: قدر لكل ذكر وأنثى.