[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٥]]
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥)
قوله عز وجل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، أي لا علم لي فيه. وقال مجاهد: الروح خلق من خلق الله تعالى، له أيْدٍ وأرجل. وقال مقاتل: الروح ملك عظيم على صورة الإنسان، أعظم من كل مخلوق. وروى معمر، عن قتادة والحسن أنهما قالا: هو جبريل. وقال قتادة: كان ابن عباس يكتمه، أي يجعله من المكتوم الذي لا يفسر.
وروى الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: «كنت أمشي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمر بقوم من اليهود، فقال بعضهم: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه.
فقالوا: يا محمد ما الروح؟ فقام متوكئاً على عسيب، فظننت أنه يوحى إليه فقال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه «١» .
ويقال: الروح القرآن كقوله: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى: ٧] وروي بعض الرواة، عن ابن عباس قال: «الروح ملك له مائة ألف جناح، كل جناح لو فتحه يأخذ ما بين المشرق والمغرب» ويقال: إن جميع الملائكة تكون صفاً واحداً والروح وحده يكون صفاً واحداً، كقوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا [النبأ: ٣٨] ويقال: معناه يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الذي هو في الجسد، كيف هو؟ قل: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ويقال: الروح جبريل كقوله:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء: ١٩٣] أي يسألونك عن إتيان جبريل كيف نزوله عليك؟ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، أي ما أعطيتم من العلم مما عند الله إلّا قليلا.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨٦ الى ٨٨]
وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)
ثم قال تعالى: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، من القرآن من قلبك ويقال:
لَئِنْ شِئْنا لمحوناه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر. ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا، أي لا تجد من تتوكل عليه في ردّ شيء منه، ويقال: ثم لا تجد لك مانعاً يمنعني من ذلك. إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ، يعني: لكن الله رحمك فأثبت ذلك في قلبك وقلوب المؤمنين.
وروى أبو حازم، عن أبي هريرة أنه قال: «سيؤتى على كتاب الله، فيرفع إلى السماء فلا تصبح
(١) حديث ابن مسعود: أخرجه البخاري (١٢٥) و (٤٧٢١) و (٧٢٩٧) ومسلم (٢٧٩٤) (٣٣) (٣٤) والترمذي (٣١٤١) وأحمد: ١/ ٤٤٤- ٤٤٥.