مثل به، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لأمَثِّلَنَّ بِثَلاثِينَ مِنْهُمْ» . فلما رأى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما به من الوجع. قالوا: لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد «١» . فنزل وَإِنْ عاقَبْتُمْ أي فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ فلم تعاقبوا ولم تمثلوا لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ من المثلة أي: ثواب الصبر خير من المكافأة، ثم صارت الآية عامة في وجوب القصاص: أنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل، والعفو أفضل.
قال عز وجل: وَاصْبِرْ يقول: وَاصْبِرْ أي أثبت على الصبر وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ يعني: ألهمك ووفقك للصبر وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أي على كفار قريش إن لم يسلموا وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ قرأ ابن كثير فِي ضَيْقٍ بكسر الضاد، وقرأ الباقون: بالنصب.
ومعناهما واحد. أي: لا يضق صدرك مما يقولون لك، ويصنعون بك. وقال مقاتل: نزلت الآية في المستهزئين.
ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا أي: معين للذين اتقوا الشرك وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ في العمل. ويقال: معين الذين اتقوا مكافأة المسيء وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ إلى من أساء إليهم. والله أعلم بالصواب. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
(١) عزاه السيوطي: ٥/ ١٧٩ إلى ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس.